30 أبريل 2024

انتخابات التجديد النصفي الأمريكية 2022 … تعثر نسبي للجمهوريين

Maroc24 | دولي |  
انتخابات التجديد النصفي الأمريكية 2022 … تعثر نسبي للجمهوريين

شكلت انتخابات التجديد النصفي الحدث السياسي الأبرز بالولايات المتحدة خلال سنة 2022، والتي عززت، خلافا لكل التوقعات، موقع الرئيس جو بايدن.

فبعد أن تنبأت العديد من استطلاعات الرأي باجتياح الموجة الحمراء (ألوان الحزب الجمهوري) لنتائج هذا الاقتراع، وهو الحلم الذي راود أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب في استعادة السيطرة على مجلسي الكونغرس، جاءت نتائج الصناديق مخيبة، نسبيا، لآمالهم، ليحتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ.

هذا الحدث السياسي شكل موعد سنة 2022 الأبرز، والتي كانت بالنسبة للجمهوريين موعدا لاستعادة وهج الحزب العريق الذي “اختطفه” الديمقراطيون في 2020، وقطع الطريق أمام طموحات الحزب الحاكم في الظفر بسدة الرئاسة مجددا برسم الاقتراع المقبل في 2024.

ولئن جرت العادة، ومنذ إقرار نظام الحزبين، أن يخسر الحزب الحاكم انتخابات التجديد النصفي، إلا أن المشاكل التي يتخبط فيها الحزب الجمهوري مكنت الديمقراطيين من حفظ ماء الوجه.

فبالرغم أن السيطرة على مجلس النواب آلت للحزب الجمهوري، إلا أن توقعات العديد من معاهد التحليل السياسي حدوث “الموجة الحمراء” لم تتحقق. إذ بسط الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب الأمريكي، المقاعد الـ218 المطلوبة لتحقيق الأغلبية في الغرفة السفلى للكونغرس، لكن بهامش أقل مما كانوا يتوقعونه.

هذه الأغلبية الضيقة كانت بمثابة خيبة أمل للحزب الجمهوري، الذي كان يتوقع، ومنذ أسابيع، فوزا كبيرا يسمح له بالتوقيع على عودة قوية إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ليعيد قادة الحزب ترتيب أوراقهم بهدف الاستعداد بشكل مغاير لهذه الاستحقاقات.

خلال اقتراع التجديد النصفي لهذه السنة، تم تجديد جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435، بالإضافة إلى ثلث المقاعد المائة في مجلس الشيوخ، حيث آلت أغلبية مجلس النواب للجمهوريين (218 مقعد)، فيما حافظ الديمقراطيون على مجلس الشيوخ.

ويبدو أن الحكم الذي أصدره الناخبون الأمريكيون، عبر صناديق الاقتراع جاء مخففا بالنسبة للرئيس بايدن، الذي عانى مطولا من تدني مستويات شعبيته، اللهم الفترة التي تلت تمرير خطة الرعاية الصحية والمناخ وتقليص التضخم التي زادت من أسهم شعبية قاطن البيت الأبيض.

عقب حملة انتخابية عكست بجلاء حدة التقاطبات السياسية الشديدة التي تطبع الرأي العام الأمريكي، وبعد فوزهم بالأغلبية في مجلس النواب، أصبحت للجمهوريين سلطة وضع الأجندة التشريعية في الغرفة السفلى للكونغرس، خلال السنتين المقبلتين.

وبناء على نتائج هذه انتخابات التجديد النصفي، سيتيعن على الحزبين التعايش. وهو الاستعداد الذي أكده الرئيس بايدن حتى قبل صدور النتائج، بهدف العمل مع الجمهوريين في حال فوزهم بالأغلبية في مجلس النواب، مشددا في الوقت نفسه على أنه لن يؤيد أي اقتراح جمهوري من شأنه أن يجعل التضخم أسوأ.

العديد من المحللين اعتبروا هذه الانتخابات كانت بمثابة اختبار حقيقي للديمقراطية، في ظل سياق اقتصادي يتسم بتضخم غير مسبوق منذ أربعة عقود. إذ كانت قضايا الاقتصاد، المرتبطة بالتضخم، وغلاء الأسعار أكبر انشغالات الناخبين الأمريكيين خلال هذه الانتخابات، الذين صوتوا من أجل إنقاذ الاقتصاد ومستقبل الديمقراطية في البلاد.

ورغم أن الرئيس بايدن رفض اعتبار هذا الاقتراع “استفتاء” على سياسات إدارته والحزب الديمقراطي، إلا أن الاقتراع المرحلي يتيح حتما الوقوف على مدى رضا الشعب الأمريكي عن هذه السياسات.

كما أن الصراعات بين المرشحين، في العديد من الولايات الحاسمة، سلطت الضوء بحدة، على التباينات الشديدة في المواقف بشأن قضايا الأمة.

نتائج هذه الاستحقاقات النصفية عرفت العديد من المستجدات، إذ قادت صناديق الاقتراع العديد من النساء إلى مناصب المسؤولية على مستوى الولايات وعلى الصعيد الفدرالي، وذلك لأول مرة.

وتشغل النساء حاليا 24 في المائة من مقاعد مجلس الشيوخ و28 في المائة من مقاعد مجلس النواب. وقد تم انتخاب تسع نساء فقط في منصب الحاكم، في تاريخ البلاد.

كما أن العديد من المرشحين الأمريكيين من أصول إفريقية دخلوا التاريخ، بعد أن تم انتخابهم برسم هذه الانتخابات.

وبالنسبة للعديد من أفراد مجتمع السود، فإن هذه التمثيلية السياسية تعد محركا لتحقيق التقدم في مجال المساواة العرقية ومساءلة المؤسسات الحكومية.

ويشكل المنتخبون السود في مجلس النواب الحالي حوالي 13 في المائة، وهو ما يعادل تقريبا الحصة الإجمالية داخل المجتمع. بيد أن ثلاثة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ هم من السود – جميعهم رجال – وأربعة فقط من السود خدموا كحكام على مدار تاريخ الولايات المتحدة.

ويعد انتخاب الديمقراطيين لحكيم جيفريز لرئاسة أقلية الحزب في مجلس النواب، حدثا بارزا آخر. فبعد تنحي نانسي بيلوسي عن هذا المنصب، بعد عقدين على رأس مجموعة الحزب في مجلس النواب، أصبح جيفريز أول نائب من أصول إفريقية يشغل هذا المنصب في الكونغرس، في أي من الحزبين.

وبإعلان نتائج جولة الإعادة في ولاية جورجيا، وفوز السيناتور الديمقراطي رافاييل وارنوك بمقعد ولاية جورجيا في مجلس الشيوخ، الأخير الذي كان قيد التنافس، يسدل الستار على أطوار اقتراع نصفي سيمكن حتما قادة الحزبين من إعادة ترتيب الأوراق السياسية، وتعزيز نقاط القوة التي يراهنون عليها من أجل استقطاب الكتلة الناخبة خلال رئاسيات 2024.

غداة ظهور النتائج الأولية، ورغم أنها لم ترق إلى طموحات الحزب الجمهوري، إلا أن الرئيس السابق، دونالد ترامب، أعلن ترشحه لهذه الانتخابات الرئاسية برسم 2024، ليفتح بذلك الباب على مصراعيه أمام نقاش مطول في صفوف الحزب الجمهوري، بين المؤيدين لعودة سياسية للرئيس السابق، وبين المطالبين بالتغيير.

في هذا الإطار، يبرز اسم رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا الذي أعيد انتخابه برسم انتخابات التجديد النصفي والذي سطع نجمه في أوساط اليمين السياسي. ووفق العديد من وسائل الإعلام الأمريكية فإن ديسانتيس بات ينظر إليه كمنافس جدي محتمل للرئيس السابق دونالد ترامب لنيل ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2024.

والشأن ذاته بالنسبة للمعسكر الجمهوري، الذي تتباين داخل صفوفه الآراء، بشأن ترشيح ثان لجو بايدن، الذي لم يعلن بعد عن ترشيحه الرسمي، بل تحدث فقط عن نيته. ويبدو سن الرئيس الحالي، (80 سنة)، أكبر عائق يطرحه الداعون إلى اختيار مرشح آخر يمثل الحزب.

انتخابات التجديد النصفي، التي شكلت حدث 2022 الأبرز، كانت بمثابة منعطف سياسي مرحلي في الولايات المتحدة، مكن الحزب الديمقراطي من هدنة مرحلية، وإن كانت محفوفة بخطر تعطيل الأجندة التشريعية، في أفق الاستعداد بشكل أفضل لرئاسيات 2024.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.