02 ماي 2024

ندوة بعنوان : دراسات الفرجة أفقا للتفكير، قراءات في مشروع خالد أمين

ندوة بعنوان : دراسات الفرجة أفقا للتفكير، قراءات في مشروع خالد أمين

تبدأ قصة الخبر من سنة 1990 حين توجه الدكتور خالد أمين لجامعة إسكس “Essex” البريطانية بهدف متابعة الدراسات العليا، بعد أن حصل على الإجازة في الآداب والفنون الإنجليزية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، وقف الشاب حينها أمام الطلاب يناقش الأدب الإنجليزي ورواده، يستعرض مشاهد من مسرحيات وليم شكسبير، ويحلل رومانسية شعر جورج غوردون بايرون، وينتقد أعمال روبرت براونينغ. استطاع هذا الشاب القادم من شمال المغرب المنتمي إلى دول الشرق والجنوب انتزاع الدهشة والانبهار من الحاضرين، غير أن أستاذه روجر هاورد، رئيس قسم المسرح في تلك الجامعة العريقة بادر بسؤاله ماذا عن المسرح المغربي؟ ليجد الشاب نفسه مربكا غير قادر على الإجابة. هذا الموقف دفعه ليفني حياته ويكرسها خدمة لمشروع عابر للغات والتخصصات، ينتصر للهوية وينفتح على الآخر.

احتفاءً بهذا المسار الإنساني والأكاديمي، نظم تكوين الدكتوراه في الفكر الأدبي والنقد الحديث بفضاء العميد محمد الكتاني – بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي أشغال ندوة وطنية يومي الفاتح والثاني من نوفمبر 2022، بتنسيق مع ملتقى الدراسات المغربية الأندلسية تحت عنوان : “دراسات الفرجة أفقا للتفكير، قراءات في مشروع خالد أمين”. حيث التقى مجموعة من الباحثين من مختلف كليات وجامعات المملكة والمهتمين والعاملين في مختلف التخصصات لتثمين تجربة خالد أمين والاحتفاء بها ورصد الآفاق التي يفتحها مشروعه للبحث والتنقيب.

هذه الندوة تشكل محطة اعتراف ووفاء لما قدمه الأستاذ خالد أمين للبحث العلمي والدرس المسرحي خاصة، فكما صرح لموقع Maroc24 السيد الدكتور مصطفى الغاشي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان: يشكل الاعتراف مسألة أخلاقية وإنسانية وثقافية من صميم قيمنا العربية والإسلامية. هذه القيمة المتجدرة في تقاليد الكلية كانت أساس الاحتفاء بقيمة علمية وأكادمية تفتخر بها كلية الآداب والعلوم الأنسانية بتطوان. وفي حديثه عن مشروع الدكتور خالد أمين صرح السيد العميد بأن خالد أمين استطاع في مدة قصيرة التأسيس لمشروع الفرجة والمسرح على الصعيد المحلي والوطني والعربي والدولي. فالأستاذ خالد أمين في نظره بأعماله واصداراته التي تجاوزت المائة استطاع أن يفتح أفقا للتفكير والاشتغال العلمي والثقافي نال اهتمام ومتابعة الجامعيين والأكادميين من مختلف المشارب والتخصصات وكذلك استطاع اشراك الفنانين والعاملين في حقل الفرجة من داخل وخارج الوطن. حيث كرَّم العديد من الوجوه واستقطب العديد من الأسماء، عربية وعالمية. كما أكد الدكتور مصطفى الغاشي على أن أهم مايميز الدكتور خالد أمين أنه استطاع مأسسة مشروعه من خلال عمله ضمن طاقم من الباحثين والمختصين، وإن كان الدكتور خالد أمين حسب رأيه مؤسسة في حد ذاته، فهو طاقة كبيرة استطاع أن يجعل من موضوع الفرجة موضوعا راهنيا على المستويين الأكاديمي والثقافي.

وفي حوارنا مع الدكتور خالد أمين على هامش أشغال الندوة، صرح باعتزازه وفخره بهذه اللحظة التكريمية، والمبادرة الجميلة من طرف تكوين الدكتوراه في شعبة الآداب العربية، رغم انتماءه لشعبة الآداب الإنجليزية. وأشار إلى ان الندوة تشكل وقفة تأملية حول قضايا مرتبطة بدراسة الفرجة والمسرح والتقاطعات التي بينهما، كما يرى ان مساهماته المتواضعة ما هي إلا نقطة في بحر، إذ يعتبر أن المنجز من قبل مختلف الباحثين المغاربة ساهم في إغناء هذا النقاش المفتوح، الشيء الذي أعطى الدرس المسرحي قيمته واعتباره على مستوى النظرية والنقد، بعد أن عانى من التهميش في ظل تغليب الشعر والرواية وباقي الأجناس في الجامعات المغربية.

ويرجع الأستاذ أمين خالد الفضل لأستاذ الأجيال الراحل الدكتور حسن المنيعي الذي على يديه تخرج رعيل من الباحثين المنتشرين في مختلف الكليات حاليا.

وحول اعتباره عابرا للغات والتخصصات، اعتبر الباحث خالد أمين أن موقعه بيني، إذ شكلت قدرته على الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية أثرا إيجابيا وصوتا مختلفا عن ما هو سائد. كما أن الفرجة حسب تعبيره هي حقل معرفي متعدد التخصصات، بمعنى انه يشمل الأنثروبولوجيا، الدراسات المسرحية، التاريخ، السوسيولوجيا، السيميائية، التأويلية… فإلغاء الحدود بين التخصصات مسألة مطلوبة في الوقت الراهن، كما يرى ان التخصصات تشتغل في جزر متباعدة وفي عزلة عن بعضها البعض، لهذا شكلت الفرجة الأفق المشترك، على أساس ان الفرجة تشمل أشكالا وأنماطا مختلفة ظلت رهينة البحث الأنثروبولوجي والسوسيولوجي. ويعتقد أنه حان الوقت لتتناول من منظور مختلف، كما يرى أن اتساع الرؤيا من خلال البحث المتعدد التخصصات يعطي امكانية مقابلة مجموعة من البراديغمات والإبدالات التي تواجه بعضها البعض. ولربما تكون المخرجات أهم بكثير بخلاف أن يتم تناولها من منظور واحد.

وعودة إلى البدايات، إلى سؤال أستاذه روجر هاورد، سألنا الدكتور خالد أمين هل استطاع أن يصيغ إجابة واضحة وحاسمة عن سؤال المسرح المغربي. طأطأ الرجل رأسه متواضعا وابتسم قائلا : ” العودة إلى الذات والبحث والتنقيب في الأشكال الثراثية بالتحديد مسألة أساسية. ولكن دون انزلاق إلى التوجه الأصولي، أو التوجه المتأورب التغريبي. فعندما تبنيت التفكير العابر للحدود، بحثت كيف يمكن النظر إلى المسرح الغربي  ولكن من زاوية فرجاتنا التقليدية. وأيضا كيف يمكن النظر إلى فرجاتنا التقليدية من وجهة نظر المسرح كما استقدم إلينا من الغرب.” وهو يهم بالمغادرة بتواضعه وهدوءه المعهودين قال: “مازالت رحلة البحث مستمرة”.

يذكر أن أشغال الندوة ستتوج بإصدار كتاب جماعي، يشمل بين دفتيه كافة الدراسات المنجزة والتي تم عرضها ومناقشتها خلال أشغال الندوة التي  كان محور بحثها دراسات الفرجة أفقا للتفكير، قراءات في مشروع خالد أمين.

عبد العظيم الحفيظي

 


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.