05 ماي 2024

مشاركة بارزة للأحداث في مهرجان عكاشة للفيلم السينمائي بمركز الإصلاح والتهذيب عين السبع

Maroc24 | مجتمع |  
مشاركة بارزة للأحداث في مهرجان عكاشة للفيلم السينمائي بمركز الإصلاح والتهذيب عين السبع

هم أحداث قادتهم عوامل وظروف عديدة إلى مؤسسات الإصلاح والتهذيب، لكنهم مع ذلك رفعوا سقف التحدي عاليا، لأنهم بكل بساطة أكدوا أنهم أبطال في مجالات تحتاج منسوبا كبيرا من التكوين والموهبة والاجتهاد.

في تفاصيل حكاية هؤلاء النزلاء، هناك أشياء كثيرة تستحق الانتباه، بل والدراسة لأنهم حولوا انشغالاتهم وهواجسهم إلى مجال واسع لتفجير طاقاتهم الإبداعية، وإنتاج أعمال فنية ستكون ضمن ذكرياتهم الشخصية، وربما ضمن سجل تاريخ مؤسسات التهذيب والإصلاح.

وبالعودة إلى التاريخ القريب والبعيد، فإن تجارب سجناء سابقين في العالم بأسره أظهرت أن المؤسسات السجنية تكون أيضا مجالا خصبا لإنتاج أعمال وكتب ومؤلفات، وحتى أفكار لها قيمة كبيرة .. ألم يتحدث الفلاسفة والكتاب عن قيمة العزلة في إنتاج أفكار خلاقة؟

هؤلاء الأحداث لم يخرجوا عن هذا النهج، بل دفعوا به إلى أقصى الحدود.. حيث أبانوا عن علو كعبهم في الفن والإبداع، من خلال فرصة ذهبية اقتنصوها عن سبق إصرار وترصد، بمناسبة عقد النسخة الثالثة لمهرجان عكاشة السينمائي بالدار البيضاء.

وإذا كانت المناسبة شرطا، فإن هؤلاء الأحداث الذين يمثلون مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع بالدار البيضاء، والسجن المحلي أيت ملول 2، والسجن المحلي بني ملال، قد حولوا شرط وجودهم هناك إلى عمليات فنية رائعة تنضح بالأمل، وذلك من أجل بعث رسائل مفادها أنهم يملكون طاقات إيجابية عكس النظرة النمطية غير الدقيقة للمجتمع.

هؤلاء النزلاء أبدعوا في الموسيقى وأبهروا، وولجوا شعاب الفن السابع وابتكروا، وطوعوا مجال النقد السينمائي صوب أفكارهم فانتصروا، وراهنوا على الإنتاج السينمائي فأبدعوا.

وبين تفاصيل هذه المجالات كلها يتشكل حلم العودة الآمنة للمجتمع يوما ما، فربما يظهر من بين هؤلاء فنان له شأن كبير في المستقبل القريب.

فبين مساحات مؤسسات الإصلاح والتهذيب المغلقة والعودة المنتظرة للفضاءات الرحبة للحرية والمجتمع، هناك أحلام منتظرة بالنسبة لهؤلاء النزلاء، وجلهم في عمر الزهور.

لا أحد يدري ما يدور بخلد هؤلاء الأحداث في تعاطيهم مع واقعهم الجديد، ودرجات تفاعلهم مع برامج الإصلاح والتهذيب التي توليها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عناية كبيرة، بل لا أحد يدري الأحلام التي يحملها كل نزيل في ذهنه، بيد أن المؤكد حقيقة هو أنهم اغتنموا بعناية فائقة هذه الفرصة كي يبرزوا للحضور من المغاربة والأجانب أنهم يملكون القدرة على مواجهة تحدي المقاربة الاندماجية، التي وجدوا من أجلها أصلا داخل فضاءات مؤسسات الإصلاح والتهذيب.

هذا الهاجس عبر عنه أحد النزلاء بشكل صريح، في تصريح للصحافة، حيث أبرز أن الاستفادة من مجال الفن السابع خلال مهرجان عكاشة السينمائي، تمخضت عنه بالنسبة لهم رؤية مغايرة تدقق في كل صغيرة، وهو كما قال، سيكون له ما بعده بالنسبة لمستقبلهم الفني والحياتي.

وإذا كان هذا المهرجان قد حمل شعار ” ظلال وأضواء “، فإن العديد من هؤلاء النزلاء يعضون بالنواجد على ظلال الأمل وأضواء المستقبل الواعد، وهو ما أكده بعضهم في تصريحات للصحافة، حيث أبرز أحدهم أن الأمر يتعلق بتجربة حياتية مهمة يتعين الاستفادة منها من أجل العودة إلى جادة الصواب.

وعين الصواب هو أن يمنح القائمون على تنظيم المهرجان مهمة لجنة التحكيم لثمانية من النزلاء تم انتقاؤهم بعناية فائقة بعد ورشة تكوينية بدأت حتى قبل تاريخ عقد هذه التظاهرة.

هذا المعطى تحديدا منح هؤلاء النزلاء منسوبا كبيرا من الثقة في أنفسهم، وحملهم مسؤولية اتخاذ القرار .. وهكذا كان الأمر، حيث اختاروا شريطي “أمهات ” لمريم بكير، ثم” مدرسة الأمل ” لمحمد البودي، من بين عدة أفلام عرضت خلال هذه التظاهرة.

وعللت هذه اللجنة اختيارها لهذين الفيلمين، بكونهما يحكيان عن قصص لها بعد إنساني عميق.

أما تعليلات المنظمين بشأن هذه الخطوة، فلكونها تروم تنمية القدرات الفكرية للنزلاء، وصقل مواهبهم، وتثمين فترة الاعتقال، مع فتح مساحة من الأمل من خلال السينما التي تعد فنا هادفا يقدم رسائل قد تساهم على الأقل في إحداث قطيعة مع بعض السلوكات المنحرفة والأفكار الهدامة.

لكل نزيل مشارك في هذه التظاهرة الفنية نصيب .. فهناك من أبدعوا من خلال الاستعانة بخبراء وفنانين، وهناك من عاشوا لحظات مليئة بالاستمتاع .. والقاسم المشترك وبيت القصيد في هذه العملية برمتها هو أنسنة فضاءات الإصلاح والتهذيب ،وجعلها وسيلة لتفجير الطاقات والمواهب في مجالات مختلفة.. فقد يكون من بين هؤلاء من يحمل بذور فنان واعد، وقد يكون من له موهبة رفيعة في أحد الرياضات .. وقد يكون بعضهم لهم ميول الكتابة…إلخ.

لقد أكدت هذه التظاهرة حقيقة واحدة، وهي أنه ليس كل من دخل السجن هو شخص طالح .. فالبعض منهم، على سبيل المثال لا الحصر، يعكفون على الإعداد لاجتياز امتحانات إشهادية كالبكالوريا، أو شهادات عليا.

ذلك أن العطاء لا حدود له داخل فضاءات السجن وهو جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح والتهذيب التي لها أبعاد تربوية واجتماعية.

فقد قال أحد المتدخلين، إن ورشات التكوين بالنسبة لهؤلاء النزلاء وإنتاجاتهم ما هي إلا شرارة الانطلاق نحو مستقبل واعد.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.