17 ماي 2024

واقع ومآل التبرع وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية : ثلاثة أسئلة للبروفيسور أمل بورقية

Maroc24 | صحة |  
واقع ومآل التبرع وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية : ثلاثة أسئلة للبروفيسور أمل بورقية

( أجرى الحوار عبد اللطيف الجعفري)

الدار البيضاء/ 16 أكتوبر 2022 / ومع/ يخلد المغرب، على غرار باقي دول العالم، اليوم العالمي للتبرع وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية، الذي يصادف 17 أكتوبر من كل سنة.

وتتوفر مختلف المؤسسات الاستشفائية الوطنية على إمكانيات تقنية وكفاءات بشرية مهمة، للقيام بعمليات نقل الأعضاء والأنسجة وزرعها، تنظمها ترسانة قانونية تؤطر منظومة التبرع، وزرع الأعضاء والأنسجة عبر القانون رقم 16-98، والذي يتميز بتكثيفه للحماية القانونية للمُتبرِّع، حيث حسم القانون في كل ما من شأنه التلاعب والاتجار بالأعضاء البشرية.

بيد أن منظومة التبرع ما تزال تعاني من قلة المتبرعين، ما يجعل وتيرة الزرع متواضعة جدا، وهو ما تشرحه البروفيسور أمل بورقية الطبيبة المختصة في مجال معالجة أمراض الكلي وتصفية الدم ، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء .

وتعتبر رئيسة جمعية (كلي)، أنه يتعين التعاطي بأكبر قدر من الجدية مع موضوع نقل وزرع الأعضاء من خلال توسيع مجال التبرع من أجل إنقاذ الأرواح البشرية، لأن للعلاج بالتصفية له تكلفة كبيرة جدا.

س // ما هي الخطوات التي تم قطعها في مجال نقل وزرع الأعضاء، وكيف يمكن التحرك بشكل مغاير ؟

ج // في الوقت الراهن نشتغل كثيرا في مجالي التعريف والتحسيس بشأن عمليات نقل الأعضاء وزرعها، والحال أن الأعضاء البشرية لا يمكن صناعتها وهذا يعني بالضرورة وجود متبرعين كثر.

التبرع بالأعضاء ينظمه القانون منذ سنة 1999، حيث يحث القانون رقم 16-98 كل شخص بمقدوره التبرع على تقييد نفسه وهو ما يزال على قيد الحياة.

يتعلق الأمر بالشخص حديث الوفاة أو الذي يوجد في حالة موت دماغي، وما تزال بعض الأعضاء حية لأن الدماغ يتوقف قبل القلب.

القانون لا يسمح بالتبرع بالأعضاء بالنسبة لشخص يوجد في حالة موت دماغي إلا إذا كان عبر عن رغبته في ذلك وهو على قيد الحياة، بل وسجل نفسه ضمن سجلات التبرع التي يشرف عليها رئيس المحكمة الابتدائية في المدينة التي يتواجد فيها، أو في السجلات المفتوحة بالمستشفيات.

عملية نقل وزرع الأعضاء تسير ببطء كبير، نظرا لقلة عدد الناس الذين يتبرعون في غياب ثقافة التبرع في المجتمع، أضف إلى ذلك أنه “يتعين على الناس التوجه للمحكمة وتسجيل أنفسهم، وهو إجراء يشتكي الناس منه “.

لذلك يتعين تغيير القانون الذي له صلة بالتبرع وزرع الأعضاء، وذلك سيرا على نهج عدد من البلدان التي لديها عمليات تبرع كبيرة ثم عمليات زراعة مهمة، كفرنسا وبلجيكا وإسبانيا، حيث غيرت هذه البلدان من القوانين بشكل يسمح بشكل تلقائي لجميع الناس بالانخراط في عمليات التبرع إلا من عبر عن رفضه لذلك.

وهنا تحديدا نقلب المعادلة.. أي من يقيد أنفسهم ضمن سجل الرفض بالمحكمة هم الذين يعبرون عن رفضهم التبرع بأعضائهم.

تغيير القانون يساهم في تطوير زراعة الأعضاء والأنسجة، وفي حث جميع المغاربة على مناقشة الموضوع مع أسرهم، ثم إن كل إنسان يتعين عليه اتخاذ قرار شخصي بشأن رغبته في التبرع أولا .. فإذا رغب في ذلك فلن يقوم بأي إجراء.

تغيير القانون سيساعد على تطوير هذه الزراعة، لأنه لا يمكن البقاء ضمن هذه الوتيرة، فنحن لدينا ما يقرب من 1200 شخص مسجلين في سجلات التبرع فقط منهم أزيد من 700 في الدار البيضاء.

س // ماذا عن مساهمة جمعية ( كلي) في بلوغ هذه الغايات؟

ج// الجمعية اشتغلت كثيرا على مستوى الدار البيضاء، حيث قمنا بتسجيلات جماعية كثيرة، فنظمنا لقاءات تواصلية وتحسيسية بالمحكمة من أجل تشجيع الناس على الانخراط في هذه العملية، فيقوم القاضي المسؤول على سجل التقييد بشرح هذه العملية برمتها وكيف يحمي القانون المتبرعين.

أنذاك يتم الاختيار بين التوقيع في السجل في حالة الاقتناع، وإذا لم يحصل الاقتناع يتم الحصول على المعلومة الدقيقة ريتما يحصل هذا الاقتناع، بل أكثر من ذلك يمكن حتى التراجع عن عملية التوقيع في أي لحظة.

هذه التقييدات أفضت إلى الانتهاء من السجل الأول المتضمن ل 475 تسجيل، وتم فتح السجل الثاني الذي تعثر بفعل كورونا، مع الإشارة إلى أن الجمعية عازمة في الوقت الراهن على القيام بحملات أكثر.

في هذه اللقاءات نسعى لإقناع الناس بأن الأمر يتعلق بإجراء بسيط ، لكن ” حين نتحدث عن المحكمة يكون هناك نوع من التخوف “.

في لقاءاتنا المباشرة كنا نسأل الناس عن نيتهم في التبرع فيكون عدد كبير منهم موافقون، لكنهم لا يمرون لما هو عملي، وهذا يعني التردد في اتخاذ المواقف.

بناء عليه كنا نغتنم حتى تنظيم قوافل طبية لإثارة هذا الموضوع مع الناس بالمدن كما في البوادي كي نكرس ثقافة التبرع بالنسبة للمجتمع المغربي.

حتى قبل الأزمة الناتجة عن كورونا اشتغلت الجمعية على أفلام وأغاني وكتب وملصقات وفيديوهات ووسائل التواصل الاجتماعي، من أجل التواصل والتفاعل والتعرف على عمليات التبرع، وكذا الحصول على المعلومة الدقيقة والمفيدة.

مثلا كنا نقول للناس إذا أردتم معرفة موقف الدين الإسلامي من عمليات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة عليكم بأهل الاختصاص ( المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية)، مع الإشارة إلى أننا نظمنا لقاءات مع أعضاء هذه المجالس، وعبروا عن استعدادهم للتعاون وتقديم المعلومة الكافية.

جهد الجمعية مهم للغاية لكنه غير كافي لوحده، وهنا تكمن أهمية تضافر جهود الجميع، لأن الأمر يتعلق بمسؤولية مشتركة، لكن مع ذلك سجلنا تغييرا كبيرا في التعاطي مع هذا الموضوع مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل حوالي 10 سنوات.

س // ماهي الآفاق التي تفتحها عملية نقل وزرع الأعضاء ؟

ج // الأهم في هذه العملية برمتها، هو هل نرغب في مساعدة مواطنينا أم لا ؟ نحن من نقرر، لأن مسالة الزرع تقتضي بالضرورة وجود عضو منقول من جسم إنسان، وفي غياب ذلك لا وجود لعملية الزرع.

يتعين علينا الاستفادة من تجربة جيراننا الإسبان، لأنهم قاموا بعمل قاعدي واشتغلوا كثيرا على هذا الموضوع ( المعامل، المدارس، الكليات ، والمستشفيات، وغيرها)، وأصبحوا حاليا في مراتب متقدمة جدا عالميا.

عمليات التصفية( الكلية الاصطناعية) مهمة لكنها لا تحل المشكل في جوهرها وهي مكلفة جدا، ومع ذلك نقول إننا محظوظين لوجود تصفية، لكن بالنسبة للفشل في القلب والكبد فالمشكل عويص.

المجتمع المغربي لا ينبغي له أن يبقى صامتا، لأن أي أحد قد يمرض ويحتاج لهذه الزراعة، ولذلك يتعين التفكير في الموضوع بشكل جدي، لأن الأمر يتعلق بموضوع اجتماعي وليس طبي.

زراعة الأعضاء والأنسجة فتحت آفاقا كبيرة، لأنه في السابق هناك فقط التصفية لكن حاليا تطور العلم والطب بشكل كبير وفتح أفقا كبيرا للاستشفاء .. لا يمكن الاكتفاء فقط بإنشاء مراكز التصفية من دون القيام كذلك بعمليات الزرع.

التصفية تعيق الحياة بالنسبة للصغار والشباب كما الكبار، فضلا عن تكلفتها الكبيرة بالنسبة للأشخاص والمجتمع.. فقد قمنا بدراسة في الموضوع وخلصنا إلى أن القيام بعملية الزرع هو ربح شخصي ومجتمعي.

خلاصة القول : المريض الذي يخضع للتصفية يكون عبءا على نفسه وأسرته ومجتمعه عكس المريض الذي يخضع لعملية الزرع والذي يصبح فاعلا ونشيطا.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.