لا يكف البرنامج المندمج لدعم التمويل والمقاولة “انطلاقة”، الذي يعد ثمرة رؤية ملكية هادفة إلى دعم المقاولة والإدماج المالي، عن تعزيز دينامية العمل المقاولاتي بالمغرب عبر تشجيع اندماج سوسيو-اقتصادي شامل للشباب.
ويبدو أن برنامج “انطلاقة”، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في فبراير 2020، والذي تندرج فلسفته في إطار رؤية يراد لها الامتداد في الزمن، قد أبرز بجلاء أهميته في إنجاح الرهان الكبير على الانتعاش الاقتصادي ما بعد الأزمة.
وتمت بلورة هذه الآلية، المكيفة تماما مع ظروف وحاجيات السوق، من طرف الدولة والقطاع البنكي وباقي الفاعلين من أجل تنزيل دينامية مشتركة لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والشباب حاملي المشاريع والعالم القروي والقطاع غير المهيكل والمقاولات المصدرة، شاملا تدابير رامية إلى تجاوز الصعوبات التي تعيق ولوج هذه الفئات المستهدفة تحديدا إلى التمويل.
هذه الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية، أولها تمويل العمل المقاولاتي، وتنسيق تدابير الدعم والمواكبة، والعمل المقاولاتي على مستوى الجهات والإدماج المالي للساكنة القروية، تسير بالفعل في اتجاه تحسين فعالية الاستثمار والدعم الناجع للمقاولات الصغيرة جدا في وضعية صعبة.
ويحفز البرنامج المذكور، عبر إتاحة باقة غنية من منتجات الضمان والتمويل، على نحو تطوعي، إحداث المقاولات، وقابلية تشغيل أكبر عدد من الشباب، والإدماج السوسيو-مهني للقطاع غير المهيكل، وتنشيط منح القروض لفائدة المقاولات الصغيرة جدا.
ويحق لهذا الورش الملكي أن يفتخر بإنجازاته إلى حدود الساعة؛ فوفقا للمعطيات التي تم الكشف عنها خلال اجتماع أخير للجنة قيادة صندوق دعم وتمويل المبادرة المقاولاتية، فإن حصيلة برنامج “انطلاقة” تظهر أن القروض الممنوحة بلغت 6 مليار درهم عند متم أبريل 2022، بإجمالي 44 ألفا و695 قرضا لفائدة 28 ألفا و665 مقاولة، وهو ما يمثل 94 في المائة من الهدف المحدد (13 ألفا و500 سنويا).
ووفقا لأحدث حصيلة مرحلية تم الكشف عنها، فإن التمويلات المعبأة من شأنها توليد استثمارات قدرها 13,7 مليار درهم، والمساهمة في إحداث 97 ألف وظيفة مباشرة، أي ما يعادل 159 في المائة من الهدف (27 ألف سنويا).
من جهتها، بلغت مساهمات صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي تتم بناء على طلبات البنوك، 613 مليون درهم.
وتجدر الإشارة إلى أن تنشيط هذا الورش الملكي يمر بالضرورة عبر تعزيز مواكبة حاملي المشاريع والمقاولين الشباب، وذلك بغاية المزيد من المساهمة في جهود الانتعاش الاقتصادي الوطني.
وهكذا يتم إجراء حملات تحسيسية وتكوينات، في هذا السياق، بمختلف جهات المملكة بغية إنجاح هذه الآلية الهامة.
ومن هذا المنظور، سيتعين على القطاع البنكي أن يضطلع بدور أساسي، لاسيما فيما يتعلق بتوجيه ونشر شبكة الوكالات والخبراء، وذلك بهدف توفير المعلومات اللازمة للفئات المستهدفة (المقاولات الصغيرة جدا، والمقاولون الذاتيون، والمقاولون الشباب) حول الإجراءات وطرق التمويل التي يقدمها البرنامج.
كما لا ت ستثنى تعبئة قطاع التأمينات من هذا الورش. إذ تم توقيع اتفاقية تؤشر على انخفاض حاد في أقساط تأمين “الوفاة / العجز الكلي للمقترض” لفائدة المستفيدين من برنامج “انطلاقة”. وقد قرر القطاع إنشاء آلية تسمح للمستفيدين من البرنامج المذكور بإبرام عقود تأمين “الوفاة / العجز الكلي – المقترض” بأسعار جد تفضيلية.
وبالتالي فإن الإنجازات التي تحققت في هذا الإطار تثبت أهمية الإمكانات المعبأة والوسائل المستخدمة لتحقيق الأهداف المسطرة، ولاسيما تحرير قدرات الشباب وضمان وصول أسهل وأكثر عدالة إلى التمويل اللازم.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.