29 أبريل 2024

جائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية 2022 : تكريس للعناية المولوية للفرس وبتقاليد الفروسية

جائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية 2022 : تكريس للعناية المولوية للفرس وبتقاليد الفروسية

تكرس جائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية (التبوريدة)، التي دخلت هذه السنة دورتها ال21، العناية التي يحيط بها المغاربة الفرس على مر العصور، والتي تتجسد بحق في ما يزخر به تراث المملكة الذي يحمل في كنهه دلالات ثقافية وحضارية.

كما تبرز هذه المسابقة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الاهتمام البالغ بتقاليد الفروسية وموروثها كرمز للذاكرة الثقافية المغربية.

وتعكس جائزة الحسن الثاني، التي انطلقت أولى دوراتها سنة 1999 بمبادرة من المرحومة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا آمنة، وتحرص الجامعة الملكية المغربية للفروسية على أن تكون تتويجا لموسم حافل بالمسابقات في مختلف أرجاء المملكة، مدى تشبث المغاربة بتربية الخيول بحكم ارتباطهم التاريخي بالفرس وتنوع استعمالاته (فنون الفروسية التقليدية والأعمال اليومية بالبوادي وسباقات الخيل ومسابقات القفز على الحواجز …..).

فلا غرو إذن أن يتقدم المغرب رسميا بملف ترشيحه لإدراج “التبوريدة” ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية سنة 2019، ووافقت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي بعد أقل من سنتين على هذا الطلب، وذلك بفضل التعبئة الهامة للقنوات الدبلوماسية والأطراف الفاعلة في قطاع الفرس بالمغرب.

وهكذا، تم إدراج فنون الفروسية التقليدية “التبوريدة أو الفانطازيا” رسميا ضمن قائمة التراث العالمي خلال الدورة 16 لاجتماع اللجنة سالفة الذكر، بتاريخ 15 دجنبر 2021 بالعاصمة الفرنسية باريس.

وتشكل جائزة الحسن الثاني، التي تقام دورتها الحالية من 27 يونيو الجاري إلى 3 يوليوز المقبل بدار السلام بالرباط ، فرصة لعشرات القبائل للتباري من أجل اختيار أحسن سربة لتمثيلها خير تمثيل في هذا الموعد السنوي، الذي يستقطب جمهورا عريضا من هواة (التبوريدة) من مختلف الشرائح الاجتماعية.

وقد تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة برياضة الفروسية التقليدية من خلال تنظيم مسابقات جهوية ووطنية سنويا لاختيار أحسن “السربات” وأحسن فارس وأحسن فرس وأحسن زي تقليدي، والتي ترصد للمشاركين فيها جوائز مالية لتشجيع الإقبال على ممارسة هذه الرياضة المتجدرة في الثقافة المغربية والتي تشكل جزءا من أصالة المملكة وتاريخها التليد.

ولم تعد فنون الفروسية التقليدية وحلبات ركوب الخيل في المواسم والمناسبات الدينية والوطنية فضاء فلكلوريا يحتكره الرجال، حيث أصبح للمرأة حضورا متميزا وباتت بدورها تقود سربات الخيالات بالكفاءة والحماس ذاته.

وكانت أول مجموعة نسوية “للتبوريدة” بالمغرب قد تأسست سنة 2003 وتنتمي لإقليم الجديدة، وتقودها “مقدمة” شابة لم يتجاوز عمرها آنذاك 24 سنة، قبل أن تنضم إلى ركب “الخيالات” فرق نسوية أخرى أبانت عن علو كعبها في هذا الميدان، الذي يتطلب مهارات خاصة ورباطة جأش.

ولضمان الخلف وحرصا على استمرارية هذا الموروث الثقافي الأصيل وانتقاله من الرعيل الأول إلى الجيل الصاعد، خصصت الجامعة الملكية المغربية للفروسية مسابقة للفتيان تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 سنة يتبارون بدورهم ضمن سربات تخضع للمعايير ذاتها المعتمدة في تنقيط الكبار.

وتتضمن منافسات الفروسية التقليدية عروضا تقدمها السربات، التي تضم كل واحدة منها 14 فارسا وفرسا إضافة إلى “العلام” أو المقدم”، وتكون في غاية الانضباط لتنفيذ “التبوريدة” بدقة متناهية، على أن يتكلف “المقدم”، الذي غالبا ما يكون أكبر الفرسان سنا، بمهمة تنظيم وتحفيز الفرسان.

وقبل أي انطلاقة (محاولة) يستعرض المقدم فرسانه قبل أن تدخل المجموعة إلى فضاء العرض (المحرك) وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة أو التسليمة).

إثر ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة “المقدم”، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون عليه من مهارات سواء بالنسبة للسيطرة على الجياد لإبقائها في الصف أو في ما يخص الحركات الدائرية التي يؤدونها ببنادقهم قبل تنفيذ الطلقة بالبارود.

ويتعين على الفرسان ،خلال تنفيذ الطلقة، أن يضغطوا على زناد بنادقهم بمجرد ما أن يعطي “المقدم” الإشارة بذلك، لأن نجاح “التبوريدة” أو “الطلقة بالبارود” رهين بأن تكون الطلقات في لحظة واحدة ومنسجمة.

ويحرص الفرسان على ارتداء الزي التقليدي الذي يتكون من “الجلابة” و”السلهام” و”العمامة” و”السروال الفضفاض” ، ويتمنطقون بالخنجر “الكمية” فيما ينتعلون نعلين من النوع العالي، أما السلاح التقليدي لفنون الفروسية التقليدية فيتمثل في البندقية المعروفة ب “المكحلة” وتكون مرصعة بخطوط ونقوش متموجة غالبا ما تكون من الفضة.

وتزيد السروج، التي تعهد بها العشائر المشاركة في هذا العرس لصناع مهرة يبدعون في تزيينها برسومات وتطاريز مستمدة من التراث المغربي الأصيل، صهوة الجياد رونقا وتضفي على الفارس مزيدا من الوقار وتبرز مكانته الاجتماعية وحظوته في قبيلته.

ويتم تنقيط السربات وفق معايير، يحددها الحكام التابعون للجامعة الملكية المغربية للفروسية، وتراعي الإنجازات التي يحققها فرسان “السربة” تحت قيادة “المقدم” والتعبير الحركي والتطابق الحركي الجماعي والسير بانضباط ووحدة حركة البنادق والطلقة الجماعية الموحدة ووحدة اللباس والسروج.

والقاعدة الأساسية في مجال التعبير، هي جودة الفرق المتبارية كل واحد حسب تقاليده وانتمائه لجهة أو ناحية، إذ يؤخذ بعين الاعتبار التنسيق بين فرسانها ودرجة التواصل والسيطرة على الجواد بالإضافة إلى طريقة الركوب والهيأة العامة للفارس والجواد على حد سواء.

وتعرف الدورة ال21 لجائزة الحسن لفنون الفروسية التقليدية مشاركة 24 سربة من أفضل سربات الفروسية التقليدية بالمملكة منها 18 في فئة الكبار (أكثر من 17 سنة) وست سربات في فئة الشبان (من 12 إلى 16 سنة)، والتي تأهلت عقب خوضها مسابقات جهوية ، وبين جهوية ، نظمت خلال شهري مارس وماي الماضيين بمختلف مدن المغرب، وبشراكة مع الشركة الملكية لتشجيع الفرس.

ويذكر أنه تم تخصيص منحة قدرها 1.508.500 درهم للسربة الفائزة بجائزة الحسن الثاني في فئة الكبار، ومنحة 242.000 درهم لفئة الشبان.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.