البرتغال.. انطلاق الحملة الانتخابية المحلية وسط منافسة حامية بين الأحزاب والقوى المستقلة

تنطلق، اليوم الثلاثاء، الحملة الانتخابية الممهدة للانتخابات المحلية المزمع تنظيمها يوم 12 أكتوبر المقبل في البرتغال، والتي ي توقع أن تشكل محطة أساسية في إعادة تشكيل الخريطة السياسية للبلاد.
وتأتي هذه الاستحقاقات في سياق سياسي خاص، بعدما تمكن اليمين التقليدي من العودة إلى الحكم خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في ماي الماضي، من خلال تحالف يقوده الحزب الاجتماعي الديمقراطي، في وقت مني فيه الحزب الاشتراكي، الذي ظل لسنوات القوة السياسية المهيمنة على المشهد السياسي، بهزيمة غير مسبوقة و صفت بالتاريخية.
ويزداد هذا المشهد تعقيدا مع الصعود اللافت لحزب اليمين المتطرف (ش يغا)، الذي تموقع كثاني قوة سياسية في البرلمان، ما أعاد رسم خريطة التوازنات الحزبية وأفرز تحديات جديدة أمام الديمقراطية البرتغالية، ما يجعل هذه الانتخابات بمثابة اختبار حقيقي لموازين القوى ولمدى صلابة القاعدة الشعبية للأحزاب التقليدية، في ظل الصعود اللافت للحركات الشعبوية والمبادرات المواطنة المحلية.
وعلى صعيد الأرقام، تكشف معطيات اللجنة الوطنية للانتخابات عن إيداع أزيد من 12 ألفا و860 لائحة ترشيح مقدمة من قبل 817 هيئة سياسية ومجموعات مستقلة، للتنافس على قيادة 308 مجالس بلدية، و308 جماعة محلية، و3221 جماعة قروية، وسط قاعدة انتخابية تضم أكثر من 9,2 ملايين ناخب مسجل.
وت برز هذه الأرقام حدة المنافسة الانتخابية، حيث اختارت 618 لائحة انتخابية خوض السباق الانتخابي المحلي بشكل مستقل خارج الأطر الحزبية التقليدية، ما يعكس دينامية جديدة للمبادرات المواطنة المحلية. في المقابل، تؤكد القوى الحزبية الكبرى حضورها القوي، إذ يغطي حزب ش يغا 307 جماعات (99,6 بالمائة)، يليه التحالف الديمقراطي الوحدوي بـ299 جماعة، ثم الحزب الاشتراكي بـ298، فالحزب الاجتماعي الديمقراطي بـ293.
وتكتسي هذه الانتخابات بعدا رمزيا، إذ ستشهد إعادة إحياء 302 جماعة قروية سبق أن أ دمجت أو ح ذفت في إطار الإصلاح الإداري لسنة 2013، ليبلغ بذلك إجمالي الجماعات 3258 جماعة، وهي خطوة تهدف، بحسب المحللين للشأن السياسي، إلى تعزيز الهوية المحلية وترسيخ سياسة القرب في تدبير الشأن العام.
وإلى جانب الزخم السياسي، تكثف اللجنة الوطنية للانتخابات مراقبتها للعملية الانتخابي، إذ سجلت إلى غاية 25 شتنبر ما مجموعه 701 شكاية أو طلب استشارة، تمت معالجة 163 منها. وهو ما يعكس حيوية النقاش السياسي ويؤكد حساسية هذه المرحلة في مسار الديمقراطية المحلية.
في المحصلة، فإن انتخابات 12 أكتوبر ليست مجرد استحقاق محلي لتجديد الأجهزة المنتخبة فحسب، بل تمثل محطة حاسمة لفهم ديناميات التحول السياسي في البرتغال. فهي توفر اختبارا عمليا لمدى قدرة الأحزاب التقليدية على الحفاظ على ثقلها في المشهد السياسي، في ظل صعود ملحوظ للمبادرات المواطنة والحركات المستقلة التي تعيد تعريف قواعد التنافس المحلي.
كما تشكل فرصة لإعادة الاعتبار للهويات المحلية وتعزيز دور المجالس القروية والبلدية كأدوات فع الة للتنمية القريبة من المواطن، مما يجعل هذه الانتخابات مؤشرا حيويا على اتجاهات الديمقراطية البرتغالية ومستقبل توزيع القوى السياسية في البلاد.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.