24 سبتمبر 2025

ملتقى الشارقة الدولي للراوي .. باحثان مغربيان يقاربان “حكايات الرحالة بين السرد والتوثيق”

Maroc24 | فن وثقافة |  
ملتقى الشارقة الدولي للراوي .. باحثان مغربيان يقاربان “حكايات الرحالة بين السرد والتوثيق”

قارب الباحثان المغربيان، شعيب حليفي وعادل العناز، اليوم الأربعاء، موضوع “حكايات الرحالة بين السرد والتوثيق”، ضمن إحدى الجلسات العلمية المنظمة في إطار فعاليات الدورة الخامسة والعشرين من ملتقى الشارقة الدولي للراوي.

وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب والباحث في السرديات، شعيب حليفي، أن مداخلته تتوخى مقاربة سؤال مركزي حول “كيف تتشكل الرحلة العربية جنسا مفتوحا على الأدب والتوثيق، وصلة دينامية بين سردية الحكي وب عد العجيب؟”.

وأضاف أن ورقته، التي عنونها بـ “شغف الحكي وبلاغة العجيب في الرحلات العربية”، تنطلق من فرضية أن الرحلة العربية ليست مجرد نصوص تسجيلية ولا خيال محض، بل هي نص ثقافي يزاوج بين التمثيل السردي والمعرفة التاريخية، ويشي د صورة مركبة للأنا في كل حالاتها والآخر عبر المشاهدة والكتابة.

وأكد أن الرحلة نشأت في سياق تداخل الأجناس، إذ ظهرت بوصفها مكونا فرعيا داخل نصوص نثرية وشعرية وتاريخية وفقهية وجغرافية، لافتا إلى أنه مع دينامية المجتمع العربي واتساع آفاقه المعرفية والحضارية، ترسخت الرحلة تدريجيا حتى بدت جنسا قائما بخصائصه.

وأشار إلى أن هوية الرحلة العربية تتحدد بكونها جنسا ذا بنية مفتوحة تجمع بين “التاريخ/التوثيق” و”الأدب/الحكايات”. ويقوم تماسكه على سردية المشاهدة التي تحول الرؤية إلى معرفة، وعلى وظيفة العجيب التي توسع أفق التخييل والتأويل.

وخلص إلى أن “الرحلة العربية ليست بين التخييل والتسجيل فحسب، بل إنها تشيد معرفة سردية تجمع بين بلاغة الحكي ودهشة العجيب، لذا تظل من أهم المرويات النثرية في ثقافتنا، ومرآة حية لتحولات الأنا والآخر”.

من جانبه، اعتبر الباحث، عادل العناز، أن الحكاية في الرحلات الاستشراقية والعربية مثلت وسيلة خطابية لاستشفاف المعارف، ما يعني أن البعد الأدبي بالنسبة إليها يغدو معطى ثانويا أمام قيمة التنسيق بين المقتضيات المعرفية المتشعبة، خاصة عند النظر إلى محيط الرحلة لا بوصفه موضعا جغرافيا عابرا وإنما “مقوما مركزيا لتشكيل المنظومة المعرفية المعقدة للإنسان، والتي بفضلها يبني الكائن وعيه وتصوراته إزاء العالم الذي يقع فيه”.

وأضاف العناز، في مداخلة بعنوان “تأويل الحكاية في السرد الرحلي: من الأدبي إلى المعرفي”، أنه على هذا النحو، فإن مفهوم الحكاية ينسلخ من التمثلات الشكلانية التي نمطته فيها السرديات البنيوية، ليغدو أولى المداخل الشمولية التي تساهم في تعريف المتلقي بفلسفة المكان، وما تختزله سرديتها من تقاليد العيش والحياة والتأمل.

وتابع أن الحكاية في السرود الإبداعية الصرفة ت ختبر – أدبيا وجماليا – من طرف المتلقي، بينما يظل إمكان الاختبار في الحكاية الرحلية بعيد المنال، باستثناء الاختبار المعرفي الذي يعبر عنه المتلقون الذين يمتلكون دراية بفضاء الرحلة وبمجالاته المتنوعة، وهو ما يفضي إلى خلاصة مفادها أن للحكاية في الرحلة آثارا معرفية مقصودة لذاتها.

وأوضح أن الرحالة، على غرار المؤرخ، يكتب ويستحضر أمامه “قراء متشككين يتوقعون منه ليس السرد فقط، ولكن إثبات صحة سرده” على حد تعبير بول ريكور، ولعل ذلك هو المسوغ الذي دفع عبد الفتاح كيليطو، بعد مقاربته لكتاب “التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا”، إلى ترجمة جدلية المعرفي والحكائي، في ما مفاده أن “الرحلة تتضمن قسطا من السرد التاريخي، ومن الصعب فصلها عن السيرة الذاتية”.

وتتواصل فعاليات الدورة الـ 25 من ملتقى الشارقة الدولي للراوي إلى غاية 26 شتنبر الجاري، تحت شعار “حكايات الرحالة”، بمشاركة أكثر من 120 راويا وخبيرا وباحثا وإعلاميا من 37 بلدا، من بينها المغرب.

وتعد هذه التظاهرة الثقافية الدولية، التي ينظمها معهد الشارقة للتراث، منصة رفيعة لاستعراض غنى وتنوع الثقافة الشعبية، وإبراز الأهمية التي يضطلع بها أهمية التراث الشفهي في حفظ الهوية الوطنية والمقومات الحضارية والثقافية.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.