01 سبتمبر 2025

قمة منظمة شنغهاي للتعاون: هل تشكل الحرب التجارية الأمريكية حافزا للتقارب بين الصين والهند؟

Maroc24 | اقتصاد |  
قمة منظمة شنغهاي للتعاون: هل تشكل الحرب التجارية الأمريكية حافزا للتقارب بين الصين والهند؟

حل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بمدينة تيانجين شمال الصين يوم السبت للمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، في أول زيارة له للبلاد منذ سبع سنوات.

وت شير هذه الزيارة، وهي الأولى للسيد مودي للصين منذ 2018، إلى تطور إيجابي محتمل في العلاقات الثنائية، التي توترت بسبب الاشتباكات الدامية في وادي جالوان سنة 2020، والتي أودت بحياة جنود من الجانبين وأدت إلى تجميد الحوار السياسي.

وتندرج هذه الزيارة بحسب ما يعتبره العديد من المحللين في إطار التحسن الواضح في العلاقات الصينية الهندية، حيث قام العملاقان الآسيويان باتخاد عدة مبادرات تهدئة في الأشهر الأخيرة، لاسيما استتباب السلام على الحدود، ورفع القيود التجارية والاستثمارية، والتخفيف من قيود التأشيرات.

ويأتي هذا التحسن في العلاقات في وقت يواجه فيه البلدان تحديات جراء الحرب التجارية الأمريكية.

وتواجه الصين رسوما جمركية أمريكية بنسبة 30 بالمائة، قد ترتفع إلى 145 بالمائة إذا فشلت المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، فيما تواجه الهند رسوما بنسبة 50 بالمائة على جميع صادراتها.

وتعد الرسوم المطبقة على الهند، على الرغم من كونها شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة، قاسية جدا. فبعد فرض رسوم جمركية أولية بنسبة 25 بالمائة، متجاوزة تلك المفروضة على دول آسيوية أخرى مقربة من واشنطن من قبيل باكستان وأندونيسيا، تعر ضت نيودلهي لرسوم جمركية إضافية بنسبة 25 بالمائة بحر الأسبوع الماضي ردا على شرائها النفط الروسي.

وبحسب عدة مصادر، رد ت الهند بتخفيف سياستها اتجاه الاستثمارات الصينية. وعاد شعار “هندي-صيني بهاي بهاي” (الهند والصين شقيقتان) الذي انتشر في خمسينيات القرن الماضي، ليستخدم في وسائل الإعلام الصينية تحت اسم “تانغو التنين والفيل”.

وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال لقاءه مودي أمس الأحد على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون “نحن البلدان الأكثر سكانا في العالم، وننتمي إلى دول الجنوب. من الضروري أن نكون أصدقاء وجيرانا جيدين، وأن يجتمع “التنين” و”الفيل” سويا”.

وأكد السيد مودي خلال اللقاء ذاته أنه ملتزم بتطوير العلاقات القائمة على الثقة المتبادلة والاحترام.

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية في افتتاحيتها ليوم الجمعة أن إعادة الدفء للعلاقات الصينية الهندية له “بعد استراتيجي واقتصادي”، وربطته بـ”التحولات العميقة في المشهد الجيوسياسي العالمي”.

من جانبها أكدت وزارة الخارجية الصينية أن تحسين العلاقات مع الهند يخدم مصالح البلدين، مسلطة الضوء على التقدم المحرز منذ اجتماع شي ومودي في أكتوبر 2024 في قازان، بروسيا.

وأضاف المصدر ذاته أن الصين “مستعدة للعمل مع الهند للنظر وتدبير العلاقات الثنائية نحو أفق استراتيجي وطويل الأمد”.

وبالنسبة لنيودلهي، تأتي التوترات مع واشنطن لتعزز حجج المؤيدين للعودة إلى دبلوماسية عدم الانحياز، وهي مقاربة تعكس رغبة الهند في الحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية في سياق متطور متعدد الأقطاب.

وتعتبر الهند شراكتها مع الولايات المتحدة عنصرا أساسيا في استراتيجيتها التجارية والأمنية، ذلك أن العلاقات الثنائية عرفت تحسنا ملحوظا منذ 2008، تجلى في توقيع اتفاقية نووية مدنية في عهد إدارة بوش، مما مهد الطريق، منذ سنة 2017، لتوسيع التعاون، شمل إعادة احياء التحالف الرباعي (كواد)، وهو تحالف استراتيجي يضم أيضا اليابان وأستراليا.

ومع ذلك، وعلى الرغم من اتفاقية سنة 2018 حول الاتصالات والتوافق والأمن، التي تهدف لتنشيط تجارة الدفاع الأمريكية، لا تزال روسيا المورد الرئيسي للأسلحة بالنسبة للهند (36 بالمائة).

ويرى المحللون أن هذا الوضع ي جس د مبدأ “تعدد الانحيازات” الذي تنهجه الهند، الذي جاء ليعوض الموقف السابق القاضي بـ “عدم الانحياز”، ويميل إلى تنويع الخيارات الاستراتيجية للبلاد بدلا من حصرها في نطاق نفوذ محدد.

ويعتبر آخرون أن هذا المقاربة تفسر عدم رغبة الهند في قطع علاقاتها مع روسيا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا سنة 2022، فضلا عن التباين في وجهات النظر الهندية والأمريكية حول منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأوضح ناريندرا مودي هذا الموقف في خطاب ألقاه سنة 2018 في حوار شانغريلا بسنغافورة، وهو الحدث الرئيسي المخصص لقضايا الدفاع والأمن في آسيا، حيث قال إن بلاده لا تعتبر منطقة المحيطين الهندي والهادئ “ناديا مغلقا موجها ضد دولة معينة”. واعتبر المراقبون آنذاك أن هذا التصريح يهدف إلى إبعاد الهند عن نهج المواجهة مع الصين.

وتهدف المشاورات الدبلوماسية الجارية بين نيودلهي و بكين أساسا إلى تهدئة النزاع الحدودي والحفاظ على العلاقات التجارية الثنائية، باعتبار أن الصين ثاني أكبر شريك تجاري للهند.

ومع ذلك، قد ي شك ل التفاوت المتزايد في هذه العلاقات التجارية تحديا لهذا التقارب. فإذا كان حجم التجارة الثنائية يصل إلى 128 مليار دولار، فإنه يمنح بكين ميزة واضحة، حيث يقترب العجز التجاري للهند من 100 مليار دولار.

ومنذ سنة 2012، نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بمعدل 700 مليار دولار أكثر من نمو نظيره الهندي سنويا. وفضلا عن ذلك، يمثل الاقتصاد الصيني حاليا خمسة أضعاف حجم الاقتصاد الهندي.

وتدفع هذه العوامل بعض المحللين إلى النظر بحذر لتطور التقارب الصيني الهندي، معتبرين أنه على الرغم من الآفاق الاقتصادية الواضحة التي يوفرها تعميق التعاون، فإن الاعتماد الهندي المفرط على الصين قد ي أثر في نهاية المطاف على دينامية هذا التقارب.

كما يثير نفوذ الصين المتنامي في جنوب آسيا انشغالات نيودلهي، حيث تشك ل المركبات الكهربائية حاليا 76 بالمائة من أسطول المركبات في نيبال بفضل الواردات الصينية، بينما برزت بكين كأكبر دائن ثنائي لسريلانكا والمورد الرئيسي للأسلحة لبنغلاديش.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.