23 أغسطس 2025

تافوغالت.. قبلة استجمام تجمع بين السياحة الجبلية والتراث الأثري

Maroc24 | جهات |  
تافوغالت.. قبلة استجمام تجمع بين السياحة الجبلية والتراث الأثري

تعتبر منطقة تافوغالت، الواقعة في جبال بني يزناسن بإقليم بركان، من أبرز الفضاءات الإيكولوجية والأركيولوجية بجهة الشرق، والوجهة المفضلة لعشاق السياحة الجبلية والتراث الأثري.

وفي الوقت الذي يتجه فيه البعض خلال فترة الصيف نحو الوجهات الساحلية، يختار آخرون الهدوء والسكينة في أحضان الطبيعة للترويح عن النفس، لتكون تافوغالت ملاذهم ومقصدهم، حيث لا صوت يعلو على همس الغابات وعبق التاريخ.

هذه البلدة الصغيرة، الواقعة على ارتفاع 850 مترا، والتي تتميز بغنى تراثها الطبيعي والتاريخي وبكرم ساكنتها، تقدم للزوار تجربة استجمام أصيلة لعشاق الطبيعة والاكتشاف.

وتوفر القرية لزوارها فضاءات متنوعة للاستراحة ومسارات مجهزة للمشي، وركوب الدراجات الجبلية، تجعل التنزه في حضن الطبيعة تجربة غنية ومتكاملة، تكتمل بتذوق فنون الطهي المحلي الأصيل.

كما يشكل حيوان الأروي، الذي يتخذ من محمية تافوغالت الطبيعية ملاذا آمنا، أحد أبرز رموز التنوع البيولوجي الذي تزخر به غابات بني يزناسن، مما يجعل هذا الفضاء الإيكولوجي الفريد، يستقطب اهتمام عشاق السياحة الجبلية.

وتزداد القيمة العلمية لهذا الفضاء بوجود بقايا “إنسان تافوغالت”، التي قدمت بيانات جينية نادرة حول سكان شمال إفريقيا، فضلا عن العثور على أدلة تعد من بين الأقدم عالميا على استخدام الأعشاب الطبية.

ويشار الى أن عددا من الباحثين اكتشفوا في مغارة الحمام بجماعة تافوغالت أدلة على الاستعمال “الطبي” للنباتات في مستويات أثرية تعود إلى 15 ألف سنة.

وتتعلق هذه النباتات بنوع “إيفيدرا” (Ephedra)، حيث تم العثور على ثمارها في منطقة من المغارة خصصت للدفن وفق طقوس دقيقة، كانت منتشرة بين المجموعات البشرية في العصر الحجري، لاسيما بين 22 ألف و7 آلاف سنة.

ويرى عدد من الباحثين أن مغارة الحمام، التي شهدت هذا الاكتشاف غير المسبوق لأول استعمال طبي للأعشاب، عرفت أيضا اكتشافات أثرية بالغة الأهمية، من بينها أقدم عملية جراحية في العالم تعود إلى 15 ألف سنة، وما تزال آثارها واضحة على جمجمة بشرية.

محليا، تساهم هذه المواقع الطبيعية، بما تحتويه من كنوز أثرية وعلمية وما تكشف عنه تدريجيا من أسرار، في تعزيز موقع تافوغالت كمركز للسياحة الثقافية والأثرية، بما يفتح آفاقا واعدة لتنمية مستدامة بالمنطقة، ويساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي عبر جذب المزيد من السياح والباحثين.

إلى جانب ذلك، تبرز “مغارة الجمل”، المصنفة تراثا وطنيا، كمعلمة جيولوجية وأثرية تضاف إلى كنوز المنطقة، التي توفر غاباتها مأوى لمجموعة من الطيور المقيمة والمهاجرة، كما تعيش فيها بعض الثدييات الصغيرة والزواحف التي تساهم في تحقيق التوازن البيئي.

وقد تم تصنيف المغارة ضمن التراث الوطني منذ سنوات عدة، باعتبارها موقعا جيولوجيا وأثريا نادرا يضاف إلى المواقع الطبيعية المتميزة التي تزخر بها تافوغالت على الخصوص، وجهة الشرق عموما. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد محمود بزاوي، الذي اختار الاستثمار في بلدته الأصلية تافوغالت، على المؤهلات والإمكانات الواعدة للمنطقة في المجال السياحي.

وأشار إلى أن مشروعه السياحي، إلى جانب مبادرات أخرى قام بها أبناء المنطقة، ساهم بشكل ملموس في خلق دينامية تنموية حقيقية، محولا هذه البلدة إلى وجهة مفضلة ومقصودة بشكل كبير في السنوات الأخيرة من طرف الزوار والسياح الباحثين عن الأصالة والهدوء.

من جهتهم، أثنى العديد من الزوار على الموقع الاستراتيجي لهذه الوجهة البيئية، والذي أتاح لهم فرصة استكشاف كنوز تاريخية فريدة، مشيدين بالتطور الذي شهدته المنطقة من خلال مشاريع سياحية وفندقية واعدة، فضلا عن جودة المطبخ المحلي الذي يقدم أطباقا أصيلة وراقية.

وبفضل هذه المؤهلات المتعددة والجهود المبذولة من قبل مختلف المتدخلين للحفاظ عليها وتثمينها، تساهم تافوغالت بفعالية في إبراز التراث التاريخي، وحماية التنوع البيولوجي، وفي الوقت ذاته خلق دينامية اقتصادية محلية من خلال تشجيع السياحة القروية والثقافية.
و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.