14 أغسطس 2025

القمة الرئاسية ترامب-بوتين.. بارقة أمل من أجل إنهاء النزاع الروسي الأوكراني

Maroc24 | دولي |  
القمة الرئاسية ترامب-بوتين.. بارقة أمل من أجل إنهاء النزاع الروسي الأوكراني

قمة تاريخية يترقبها العالم، تلك التي ستجمع، غدا الجمعة، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مكان لا يقل رمزية عن الحدث نفسه: ألاسكا. والهدف: منح السلام فرصة تسوية النزاع الروسي الأوكراني.

على طاولة المحادثات، سيتناول الرئيسان ترامب وبوتين سبل إنهاء النزاع، حيث سيسعى قائدا البلدين في أول لقاء مباشر منذ 2019، إلى تنحية كافة الخلافات الثنائية العالقة جانبا، والتركيز على تسوية الأزمة بين موسكو وكييف التي تلقي بظلالها على شؤون السياسة الدولية ومحاور التجارة العالمية، على أمل التوصل إلى وقف “سريع” لإطلاق النار.

في هذا الصدد، أكد الرئيس ترامب، الاثنين الماضي، أن التوصل لاتفاق سلام بين كييف وموسكو سيقتضي “تبادل أراض” بين البلدين. وفي حال التوصل إلى تسوية بين أوكرانيا وروسيا، فسيتمكن الرئيس الأمريكي من كسب رهان الوعد الانتخابي الذي قطعه بإنهاء هذا النزاع، وإن لم يف بمهلة الـ24 ساعة التي تعهد بالالتزام بها في بادئ الأمر.

ويتمثل الرهان في إيجاد مساحة للتوفيق بين وجهات النظر. ففيما تطالب موسكو بتخلي كييف رسميا عن أربع مناطق (دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين سنة 2014، تسعى أوكرانيا إلى الحفاظ على مصالحها الجيواستراتيجية والحصول على ضمانات، في تحد لرغبة واشنطن حثها على التنازل عن أراض من أجل التوصل إلى السلام.

رمزية مكان انعقاد القمة لا تقل أهمية عن الحدث، إذ أن تراب ولاية ألاسكا الأمريكية، الذي اقتنته الولايات المتحدة قبل 158 عاما من الإمبراطورية الروسية آنذاك، شكل على الدوام نقطة تلاق جغرافي واستراتيجي، حيث تقل المسافة بين بر ألاسكا وأقرب نقطة في الأراضي الروسية، عبر مضيق “بيرينغ”، عن التسعين كيلومترا.

كما ستشكل هذه الولاية فضاء لإيجاد أرضية مشتركة للحوار والفهم المتبادل. حيث تم اختيار مدينة أنكوريدج، وتحديدا القاعدة المشتركة “إلمندورف ريتشاردسون”، لاستضافة هذا الحدث، لما توفر من تعزيزات أمنية وعسكرية تتيح أفضل ظروف انعقاد القمة الرئاسية. هذه القاعدة العسكرية، الأكبر في ولاية ألاسكا، تضم أزيد من 32 ألف شخص، أي حوالي 10 بالمائة من سكان كبرى مدن الولاية.

خلال فترته الرئاسية الأولى، سبق للرئيس ترامب أن التقى بنظيره الروسي ست مرات، لاسيما خلال اجتماعات مجموعة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، ما يعكس رغبة قاطن البيت الأبيض في فتح قنوات الحوار مع الغريم التقليدي للولايات المتحدة، والعمل بشكل مشترك من أجل إحلال السلام.

ومنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مطلع السنة الجارية، أجرى قائدا البلدين العديد من المباحثات الهاتفية، تناولت على الخصوص سبل تسوية النزاع الروسي الأوكراني. وتنوعت تصريحات الرئيس ترامب، عقب كل من هذه المباحثات، بين الترحيب بـ”حوار بناء” تارة، وبين التهديد، تارة أخرى، بتطبيق عقوبات على الجانب الروسي لعدم التوصل إلى نتائج ملموسة.

وفي أعقاب محادثة هاتفية مع بوتين في ماي الماضي، استغرقت الساعتين، كان ترامب قد صرح بأن روسيا وأوكرانيا ترغبان في إبرام اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، معتبرا أن من شأن هذه المبادلات التجارية أن توفر “فرصة هامة” لإحداث الوظائف والثروات. كما أبرمت الولايات المتحدة وأوكرانيا، مطلع الشهر ذاته، اتفاقا اقتصاديا يمنح واشنطن حق الوصول إلى المعادن في الأراضي الأوكرانية.

وبصفته صانعا للصفقات، سيرسي الرئيس ترامب ثقل استراتيجيته كرجل أعمال يرغب في تحقيق سلام بين روسيا وأوكرانيا، من شأنه أن يعبد السبيل أمام ازدهار محاور التجارة العالمية، وإخماد جذوة نزاع آخر على خارطة الصراعات الجيوسياسية المستعرة عبر العالم. إذ أكد قاطن البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحافي مؤخرا، أنه تلقى دعوة من نظيره الروسي من أجل الانخراط في إيجاد تسوية للنزاع، مؤكدا بالقول: “سأتحدث إلى فلاديمير بوتين وسأطلب منه إنهاء هذا النزاع”.

هذا النزاع، الذي أثقل كاهل سلاسل الإمدادات والأمن الغذائي العالمي، منذ نشوبه في فبراير 2022، دفع بالقوى العالمية إلى عقد سلسلة من الاجتماعات، من أجل تأمين ممر آمن لحركة الملاحة البحرية، لاسيما في البحر الأسود، أحد الممرات التجارية الهامة لصادرات المواد الغذائية والأسمدة نحو باقي العالم.

وستعقب لقاء الرئيس ترامب بفلاديمير بوتين محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقادة الأوروبيين، من أجل إطلاعهم على نتائج المحادثات مع روسيا.

وفي هذا الصدد، عبر قاطن البيت الأبيض عن الأمل في أن يتم عقد لقاء ثان يجمع كلا من بوتين وزيلينسكي.

وفي خطوة تمهيدية، تحضيرا للقمة الرئاسية، أجرى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مباحثات هاتفية مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، لبحث تفاصيل اللقاء. وشدد رئيس الدبلوماسية الأمريكية، في حديث للإعلام، على أن الرئيس ترامب لا يعتبر لقاءه مع نظيره الروسي بمثابة تنازل.

بدورها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن ترامب يريد “الاستماع” إلى بوتين خلال القمة، التي تجري بناء على طلب الرئيس الروسي، كما تشدد على ذلك واشنطن.

وقد أكد البيت الأبيض أن اللقاء بين ترامب وبوتين سيكون بمثابة “جلسة استماع”، مشددا على رغبة الرئيس الأمريكي في عقد لقاء مباشر مع نظيره الروسي.

من جانبها، تسعى قوى الكتلة الأوروبية إلى إيجاد موطئ قدم من خلال متابعة، عن كثب، لتفاصيل القمة المرتقبة وما ستسفر عنه من معطيات من شأنها أن تؤثر على مستقبل السياسات في القارة الأوروبية وباقي أنحاء العالم. ففي خطوة استباقية لهذا الحدث، عقد قادة أوروبيون إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اجتماعا أمس الأربعاء ببرلين، لبحث الوضع في أوكرانيا، انضم إليه الرئيس ترامب عبر الفيديو.

وتراهن الإدارة الأمريكية، من خلال استضافة قمة ألاسكا، على التوصل إلى اتفاق يحظى بتوافق القوى الأوروبية، وتحقيق سلام بين روسيا وأوكرانيا يجلب فرصا اقتصادية.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.