05 أغسطس 2025

العرائش .. تخليد الذكرى الـ 447 لمعركة وادي المخازن

Maroc24 | جهات |  
العرائش .. تخليد الذكرى الـ 447 لمعركة وادي المخازن

يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، اليوم الاثنين، الذكرى الـ 447 لمعركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة، والتي جسدت أروع صور الصمود والتحدي والشهامة من أجل الدفاع عن حوزة الوطن وإعلاء راية الإسلام.

بهذه المناسبة، أشرف المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، رفقة الكاتب العام لعمالة إقليم العرائش، بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، على تدشين مقر النيابة الإقليمية وفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة العرائش، وتنظيم مهرجان خطابي بالجماعة الترابية السواكن.

وأكد السيد الكثيري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن ساكنة إقليم العرائش وأسرة المقاومة تخلد الذكرى الـ 447 لملحمة واد المخازن الخالدة، والتي تعتبر محطة تاريخية تحمل دروسا وعبرا، وتنضح بمنظومة قيم دينية وروحية وأخلاقية ووطنية وإنسانية وكونية.

وقال إن “من الواجب علينا ومسؤوليتنا أن نبرز هذه القيم في مثل هذه المناسبات، والحرص على إيصالها للأجيال الصاعدة، وحثهم على الاعتزاز بها وتمثلها والاستنارة بها لمواصلة مسيرة إعلاء صرح المغرب، البلد المتقدم والمزدهر”.

في هذا السياق، أشار إلى أنه سيتم بهذه المناسبة تكريم خمسة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الراحلين، إلى جانب تسليم دعم مادي لفائدة 29 شخصا، من ذوي حقوق وأسر المقاومين وأعضاء جيش التحرير والذين يوجدون في وضعية عوز مادي”.

وتم خلال المهرجان الخطابي تقديم كلمات وشهادات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لمعركة وادي المخازن، التي تعد منارة وضاءة في مسيرة الكفاح الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.

وأبرز مقال للمندوبية السامية، بهذه المناسبة، أن معركة وادي المخازن وقعت في ظروف إقليمية ودولية دقيقة تميزت بدخول العثمانيين في سلسلة من المواجهات العسكرية مع القوى الاستعمارية الأوروبية، وفي تنامي الأطماع الأجنبية في التحكم في أوضاع الشمال الإفريقي وخاصة الدولة المغربية، بهدف استغلال المراسي والموانئ الأطلسية ومرسى العرائش الذي شكل، بوجه خاص، الذريعة التي استخدمها البرتغاليون لتبرير حملتهم العسكرية على المغرب.

في حمأة الأطماع الخارجية على المغرب، نهج السلطان عبد المالك السعدي خطا استراتيجيا متوازنا بذكائه المتقد وبحنكته السياسية وبفهمه الدقيق للظرفية الوطنية ولنوايا الأطراف الأوروبية وبمعرفته اليقظة بمخططات القوى الدولية العظمى في منتصف القرن السادس عشر، فاستطاع المغرب الحفاظ على استقلاله وسيادته، غير أن ملك البرتغال ركب أطماعه مغامرا في حملة عدوانية غير محسوبة العواقب لبسط نفوذه والهيمنة على الكيان المغربي الحر المستقل والقوي.

كما استعان السلطان عبد المالك السعدي في الإعداد للمعركة بإدراكه وبحسه السياسي، وفطن منذ البداية لأهمية عامل الزمن بالنسبة للمغاربة. وهكذا، نجده يكاتب “دون سبستيان” ويعرض عليه السلام والتفاوض لربح الوقت والاستعداد للمواجهة المحتملة. وعندما تحرك “دون سبستيان” ووصلت جيوشه إلى منطقة طنجة أصيلة، كاتبه السلطان عبد المالك السعدي بغير أسلوبه العادي، وبما يؤدي إلى جر جيوش “دون سبستيان” إلى معترك اختاره عبد المالك بكل عناية، ألا وهو سهل وادي المخازن. ومما جاء في رسالته الموجهة إليه: “إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك وجوازك العدوة، فإن تبثت إلى أن نقدم عليك، فأنت نصراني حقيقي شجاع …”.

وقد أورد بعض المؤرخين أيضا مقولة عبد المالك السعدي:”إني رحلت إليك تسع عشرة رحلة، أما ترحل إلي واحدة!”. وفعلا، استطاع السلطان عبد المالك السعدي أن يجر الجيش البرتغالي إلى سهل وادي المخازن، مما كان له أكبر الأثر في تحديد مصير المعركة قبل أن تقع. وللإشارة، فإن القوات البرتغالية التي عبرت إلى المغرب كانت تضم أسطولا يفوق عدد وحداته 500 قطعة بحرية تقل على متنها جيشا نظاميا وتعزيزات من المرتزقة، والحشود الحليفة الداعمة، فضلا عن وضع الملك الاسباني رهن إشارة ملك البرتغال وحدات بحرية أخرى انضمت إلى الجيش البرتغالي.

ولما بدأت الجيوش الغازية تتوغل شيئا فشيئا بعيدا عن ميناء العرائش، برهن المغاربة عن ذكائهم عندما استدرجوا الجنود وتركوهم يتسربون إلى أن عبروا وادي المخازن واستقروا في السهل الموجود على يمين نهر اللكوس.

وفي يوم الاثنين 4 غشت 1578، دارت معركة حامية الوطيس بوادي المخازن في منطقة السواكن بعد أن حطم الجيش المغربي جسر النهر للحيلولة دون تراجع القوات الغازية نحو ميناء العرائش، ومني البرتغاليون بخسارة جسيمة حيث قتل ملكهم، والملك المخلوع محمد المتوكل. كما توفي السلطان عبد المالك السعدي إبان المعركة، جراء تسممه من لدن الأعداء.

وقد أخفى خلفه السلطان أحمد المنصور الذهبي نبأ وفاته ليواصل تدبير وقيادة المعركة التي اصطلح على تسميتها بمعركة الملوك الثلاثة والتي أكسبت المغرب مجدا تليدا، وحقق فيها المغاربة نصرا مبينا زاد من هيبة المغرب ومكانته في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وظلت مبعث اعتزاز وشرف له كدار للإسلام والسلام والأمن وكيان وطني مهاب الجانب يحتمي به المسلمون كافة ويحظى بتقدير واحترام سائر أقطار المعمور.

ستظل معركة وادي المخازن التي يعتز بها كل المغاربة، والمسلمون قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها وأبناء إقليم العرائش وجماعة السواكن على الخصوص، معلمة بارزة في تاريخ مواجهة المغاربة للعدوان الخارجي، ومنارة وضاءة على درب النضال والجهاد، ودرسا حيا ونموذجيا في الدفاع عن الوطن والذود عن حماه وإعلاء شأنه ومكانته بين أمم وشعوب المعمور.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.