شكل موضوع “الوثيقة العدلية بين الضبط والنجاعة، مقاربة قضائية ومهنية”، محور ندوة علمية احتضنتها اليوم الأربعاء محكمة الاستئناف بالرباط، وشكلت مناسبة للوقوف عند أهمية هذه الوثيقة باعتبارها دعامة أساسية للقضاء في تحضير وسائل الإثبات وتحقيق الأمن التوثيقي.
وانعقدت هذه الندوة، التي نظمتها محكمة الاستئناف بالرباط بشراكة مع المجلس الجهوي للعدول بالرباط، في إطار البرنامج الثقافي الذي سطرته محكمة الاستئناف بداية السنة القضائية، من خلال الانفتاح على الهيئات التمثيلية لمساعدي القضاء والمهن القضائية، باعتبارهم أحد المكونات الأساسية لمنظومة العدالة.
وسعت هذه الندوة إلى تسليط الضوء على أهمية التوثيق العدلي لاسيما في توثيق المعاملات والحقوق، لما يحمله من أبعاد قانونية وحقوقية ومهنية متعددة، ولإثارته العديد من الإشكالات الآنية والمستقبلية.
وفي كلمة له بهذه المناسبة، قال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستنئاف بالرباط، عبد العزيز راجي، إنه “إذا كان تعزيز وتحيين الترسانة التشريعية المتعلقة بالمهن القضائية والقانونية يشكل ضرورة حتمية تقتضيها التحديات التي تواجه هذه المهن، وفي طليعتها الرقمنة، وتحدي العقود الذكية، واستيعاب الأنماط الجديدة للتعاقد عن بعد، والتوقيع الإلكتروني، فإن فعالية الإصلاح المنشود لن تتحقق إلا إذا تم الاهتمام من جهة بتعزيز القدرات المعرفية للمنتمين للمهنة”.
وأوضح أن “هذا الأمر سيسهم في تحصين الوثيقة العدلية الذي ينطوي على أهمية كبيرة في توثيق الحقوق وإثباتها وحمايتها من التزوير والإنكار، كما يجعلها حجة قاطعة في النزاعات القانونية ويسهم في تحقيق الأمن القانوني للأفراد والمؤسسات وبالتالي تحقيق العدالة الوقائية”.
من جهته، أكد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، المصطفى لغزال، أن التوثيق العدلي يعد من المهن القانونية والقضائية المساعدة للعدالة، ويؤدي أدوارا طلائعية من خلال حفظ الحقوق وإثبات الالتزامات، وتوثيق المعاملات وإعداد وسائل الإثبات التي تساعد القضاء على والمساهمة في تكريس النجاعة القضائية وتحقيق العدالة الوقائية وتكريس الأمن التوثيقي.
وقال لغزال إنه “لا إصلاح للعدالة إلا بإصلاح المهن القضائية وتطويرها، ومنها مهنة التوثيق العدلي”، مضيفا أن التوثيق العدلي أصبح مطالبا بالحفاظ على تراثه وأصالته وهويته وعمقه، وإيجاد التوازن المنشود لمواكبة مستجدات العصر وما يفرضه من جودة الخدمات وشفافيتها ونجاعتها وفعاليتها، ومواجهة رقمنة العقود العدلية.
من جانبه، أبرز رئيس المجلس الجهوي للعدول بالرباط، يوسف آيت الحو، أهمية تجويد الوثيقة العدلية باعتبارها تساهم في تحقيق الأمن والتوثيقي والأمن الاجتماعي، وحفظ حقوق المواطنين وحقوق العدل على السواء.
واستحضر آيت الحو في هذا الصدد بعض الصعوبات التي تواجه العدول في مهامهم اليومية ،بما فيها رجوع الشهود في شهاداتهم.
وناقشت هذه الندوة مجموعة من المحاور، من ضمنها “الشهادة الإدارية المتعلقة بالعقار غير المحفظ ودورها في نجاعة الوثيقة العدلية”، و”الضبط الشرعي والقانوني لقاضي التوثيق في إنجاز المحرر العدلي”، و”المرأة العدل والتوثيق العدلي”، و”مستجدات شهادة اللفيف في مشروع قانون 22.16 وإشكالية الأمن المهني”، و”دور التكوين المستمر للسادة العدول في تحقيق الأمن التوثيقي”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.