عقب مفاوضات ماراثونية وجلسة تصويت شابها التوتر، واستمرت لأزيد من 24 ساعة، تمكن الجمهوريون في مجلس الشيوخ من التغلب على انقساماتهم، الثلاثاء، بشأن مشروع قانون ميزانية يشكل جوهر الأجندة السياسية والاقتصادية للرئيس دونالد ترامب، في انتصار كبير لقاطن البيت الأبيض.
يتجاوز هذا النص التشريعي مجرد كونه مشروع قانون للضرائب والنفقات، والذي يطلق عليه الرئيس دونالد ترامب اسم “القانون العظيم والجميل”، بل يمثل برنامجا يحمل في مجمله، الرؤية السياسية والاقتصادية للرئيس ترامب، التي تستند إلى أجندة (أمريكا أولا) ذات التوجه اليميني.
ساهم هذا المشروع الضخم، الذي من المرتقب أن يفاقم عجز ميزانية الولايات المتحدة بغلاف مالي ضخم قدره 3.3 تريليون دولار على مدى عشر سنوات، في انقسامات في صفوف الجمهوريين، الذين لا يملكون سوى أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ (53 مقابل 47)، وبالتالي لا يستطيعون تحمل مزيد من التصدعات.
غير أن الخلافات كانت حاضرة، إذ صوت ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ ضد مشروع القانون، مما اضطر نائب الرئيس، جي. دي. فانس، إلى الإدلاء بصوته الحاسم، بصفته رئيسا لمجلس الشيوخ. ليتم إقرار مشروع القانون بفارق ضئيل بأغلبية 51 صوتا مقابل 50.
ترى صحيفة (واشنطن بوست) أن قرار السيناتورين الجمهوريين، بول راند وتوم تيليس، السبت الماضي معارضة حتى عملية الشروع في عملية المناقشة، يظهر بوضوح الانقسامات التي تشوب الحزب الجمهوري بشأن مشروع قانون من شأنه أن “يغير الحكومة الفدرالية والاقتصاد الأمريكي”.
واستنكر السيناتور تيليس، الذي أعلن تقاعده اعتبارا من انتخابات التجديد النصفي لسنة 2026 إثر هجوم لاذع من الرئيس ترامب، كون “العديد من المسؤولين المنتخبين تحذوهم دوافع سياسية بحتة، ولا يكترثون حقا بمن وعدوا بتمثيلهم خلال الحملة الانتخابية”.
وعارض هذا السيناتور، المنتخب عن ولاية كارولاينا الشمالية، ونظيره عن ولاية كنتاكي، راند بول، بشدة زيادة الديون وتقليص برنامج الرعاية الصحية “ميديكيد”، الذي يعتمد عليه ملايين الأمريكيين من المسنين والمعاقين وذوي الدخل المحدود. وهما يتفقان بذلك، بشكل تام مع الديمقراطيين، الذين عارضوا مشروع القانون.
داخل المعسكر الجمهوري، وبعيدا عن المواقف المتطرفة التي تبناها بول راند وتوم تيليس، يبدي منتقدو المشروع الوسطيون ملاحظات على تقليصه للبرامج الاجتماعية والحدود التي فرضها على الإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة، فيما يسعى المحافظون إلى التصدي لإشكالية ديون البلاد المتزايدة والمطالبة بتخفيضات أكبر للميزانية.
ومن شأن هذا التشريع أن يحول دون تخلف الولايات المتحدة عن موعد سداد ديونها في غشت المقبل، من خلال رفع سقف الدين بمقدار 5 تريليونات دولار.
فضمن مقترحاته الرئيسية، يخصص مشروع القانون، الذي يضم قرابة ألف صفحة، مئات الملايير من الدولارات لاستكمال بناء جدار على الحدود مع المكسيك، وتعزيز المعابر الحدودية البحرية، وتجهيز وزارة الدفاع.
كما يشمل تخفيضات ضريبية، التي تعد أحد أهم الإنجازات التشريعية خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب، وإنشاء حسابات توفير جديدة للمواليد الجدد، وتمويل الغالبية العظمى من وعود الحملة الانتخابية للرئيس، من قبيل إلغاء الضرائب على الإكراميات وساعات العمل الإضافية.
وصف السيناتور ليندسي غراهام، أحد أكبر مؤيدي الرئيس ترامب، مشروع القانون بأنه “طموح ورائع إذا كنا نؤمن بخفض الضرائب، وتأمين الحدود، وجيش قوي، وضبط النفقات العمومية”.
وأضاف ممثل ولاية كارولاينا الجنوبية، مبديا غبطته: “نحن على وشك كتابة صفحة جديدة من التاريخ”.
وبعد إقرار مشروع القانون في مجلس الشيوخ، وإن كان مصحوبا بتعديلات عديدة تجعله مختلفا بشكل كلي عن نسخته الأصلية، من المرتقب أن تتم إعادة مشروع القانون إلى مجلس النواب للمصادقة عليه في قراءة ثانية.
في الغرفة السفلى للبرلمان، لا يتوفر الجمهوريون سوى على أغلبية ضئيلة (220 مقابل 212). وسيعمل المعارضون للمشروع، هنا أيضا، على جعل الطريق شائكة أمام رئيس مجلس النواب وزعيم الأغلبية الجمهورية، مايك جونسون.
من المرتقب أن يتم التصويت على مشروع القانون في أسرع وقت ممكن قبل أن يوقعه الرئيس ترامب، الذي طالب بتقديمه إلى مكتبه بحلول التاريخ الرمزي للرابع من يوليوز، ذكرى عيد استقلال الولايات المتحدة.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.