اليوم العالمي لفن الطبخ المستدام .. مناسبة لإبراز مكانة الطبخ في ثقافة الشعوب واحترام المجال البيئي

يشكل الاحتفال باليوم العالمي لفن الطبخ المستدام، الذي يصادف 18 يونيو من كل عام، مناسبة لإبراز مكانة الطبخ في حياة وثقافة الشعوب، وأهمية احترام هذا النشاط البشري للمعايير البيئية المستدامة.
ويأتي الاحتفال بهذا اليوم بعد أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة (21 دجنبر 2016)، وذلك بهدف الاعتراف بفن الطبخ “كتعبير ثقافي عن التنوع الطبيعي والثقافي في العالم، وتعزيز ممارسات الطهي التي تحترم البيئة وتشجع الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية”.
ولكونه تعبير ثقافي عن التنوع والغنى الذي تزخر به الشعوب والحضارات الإنسانية على اختلافها وتعددها، فإن الحديث عن الطهي أو الطبخ لا يستقيم دون طرح مجموعة من الأسئلة التي تعكس حضوره النوعي والفريد في سلم الثقافات البشرية، وكذا العادات الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات.
وفي هذا الصدد، قال الباحث في علم الاجتماع، علي شعباني، إن “الطهي شكل، على مر العصور، أحد أبرز المظاهر التي تدل على العمق الثقافي للشعوب والأمم لكونه يتعلق بإشباع حاجياتها من الأكل والشرب”، لافتا إلى العلاقة المتينة التي تربط بين نشاطي الطبخ والزراعة، والتي تعد كذلك من النشاطات البشرية الضاربة في القدم.
وأوضح السيد شعباني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإنسان كان ولا يزال في بحث مستمر ومتجدد عن آليات وتقنيات جديدة للطهي، مما يفسر التنوع الكبير للأطباق والمأكولات وأصناف الطعام التي تزخر بها المطابخ والموائد عبر العالم، والتي تعكس تنوع ثقافات الشعوب وكذا خصوصيات كل “ثقافة مطبخية” على حدة، مثل الطاجين المغربي، البيتزا الإيطالية والمأكولات السريعة الأمريكية.
وشدد على أن الاحتفال باليوم العالمي لفن الطبخ المستدام يروم “تحويل قناعة الإنسان من اعتبار الطهي مجرد وسيلة لإشباع رغبات الأكل والشرب إلى التعامل معه على أنه إحدى رافعات الاقتصاد وتحقيق التنمية”، مضيفا أن الطبخ يمكن إدخاله ضمن وسائل تعزيز العلاقات الدولية والدبلوماسية الموازية بين المجتمعات الراهنة.
وتسود لدى المهتمين بهذا المجال عبارة “الطبخ المستدام” التي تحمل بين ثناياها توصيفا للبعد البيئي لهذا النشاط البشري العريق، مما يعيد للواجهة الحديث عن أهمية احترام طريقة طهي الأطعمة والمأكولات التي يعدها الإنسان المعاصر للمعايير البيئية المستدامة.
وفي هذا الإطار، تعمل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) والجمعية العامة للأمم المتحدة، بمناسبة اليوم العالمي لفن الطبخ المستدام، على زيادة الوعي العام بمساهمة الطهي المستدام في تعزيز التنمية المستدامة.
وقد تبنت عدة منظمات دولية مبادرات تهدف إلى تعزيز الطاقة النظيفة للمطاعم، عبر الحث على استخدام الغاز والكهرباء بدلا من الفحم والغاز الطبيعي بدلا من الكربون، والتحسيس بأهمية فن “الطبخ المستدام” عبر برامج تلفزيونية ومعارض للثقافة الغذائية، بالإضافة إلى التشجيع على استخدام الأنظمة الغذائية الخضراء التي تتميز بكونها صحية ومستدامة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في المجال البيئي، محمد بنعبو، أن العلاقة بين “الطبخ المستدام” واحترام المعايير البيئية تظهر بجلاء في ترشيد استهلاك المياه والطاقة المستخدمة، سواء باستعمال غاز الفحم أو الطاقة الشمسية أو الريحية أو الكهربائية.
وشدد السيد بنعبو، في تصريح مماثل، على أن الطريقة التي يتم بها حفظ الطعام وتغليفه، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالكميات الزائدة من الطعام بغية استهلاكها مرة أخرى داخل المنازل، “تعد من المعايير ذات الأولوية لتحقيق الاستدامة”، مضيفا أن اعتماد الطرق المثلى في هذا المجال يتيح التخفيض من معدلات هدر الطعام المرتفعة، وبالتالي تقليص كميات النفايات المنزلية.
كما أشار إلى أن “الطبخ المستدام” يعتمد بشكل عادي في القرى والواحات، حيث يتم تحويل بقايا الطعام إلى علف للحيوانات الأليفة وسماد للتربة، مضيفا أنه يمكن استدامة هذه العملية في المزارع العائلية باعتماد مزيد من معايير الاستدامة عبر اللجوء الكلي لعناصر الطبيعة في الإنتاج الزراعي دون مبيدات أو أسمدة كيماوية.
وأكد الخبير البيئي أنه يمكن إرساء قواعد للطهي المستدام في المناطق الحضرية بالانطلاق من توفير استهلاك الطاقة عبر ابتكار أطباق تضم مكونات طازجة ومنعشة وقليلة التعرض للحرارة.
تجدر الإشارة إلى أن منظمات دولية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تعمل، بتعاون مع مختلف الشركاء المعنيين، على زيادة الوعي العام بمساهمة هذا اليوم العالمي في تحقيق التنمية المستدامة واحترام المعايير البيئية.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.