ألهب عرض فني قدمته جمعية عبد الكريم كنون لإحياء طرب الملحون، مساء الخميس، حديقة جنان السبيل التاريخية.
ومزج هذا العرض، المنظم ضمن فعاليات الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، باقتدار، بين الإنشاد والغناء والشعر، في إطار الليلة الصوفية الثالثة للمهرجان.
وحمل هذا العرض جمهور هذا الفن المغربي الأصيل الذي تعود جذوره إلى القرن الثالث عشر، إلى عوالم الصفاء والمحبة والارتقاء الروحي، مرددة قصائد وأناشيد ملحونية (التوسل، نظم سيدي قدور العلمي، اللهم صلي على النبي بلقسام، أنت العزيز يا محمد…) شنفت أسماع الصغار والكبار.
وعلى مدى نحو ساعة ونصف، امتزجت أناشيد فن المحلون الشعري الموسيقي الذي ينحدر من التقليد العربي الأندلسي، بأمداح صوفية عطرة واستعارات روحية وانغماس في تأملات الحب الإلهي، رافقتها آلات مثل الدف (البندير) والقانون والعود، ناشدت عواطف وأفئدة الجمهور الحاضر، في رحلة روحية استثنائية.
وردد الجمهور الغفير الحاضر، القصائد الملحونية للمجموعة، التي يرأسها المنشد سعيد كنون، ببراعة وعفوية وبميزان موسيقي ينم عن الحب والهوس بهذا الفن المغربي الإنساني العالمي، الذي يعتبر أحد أبرز الفنون التراثية المغربية.
وشكل هذا العرض الفني لحظة إبداعية مليئة بالزخم الصوفي، فتحت فيها الأبواب والنوافذ على أدب الملحون المتنوع والغني، الذي يلامس أحيانا القضايا الأكثر عمقا وسموا، ويتناول مجموعة من القضايا الإنسانية ويحمل الكثير من المعاني، والذي يشهد على الحس الإبداعي الكبير لشعراء هذا اللون الموسيقي.
ويعتبر فن الملحون الذي تم إدراجه ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في دجنبر 2023، رمزا أساسيا للتراث الثقافي المغربي.
وتجمع نسخة 2025 من هذا الحدث العالمي الاستثنائي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يشكل جسرا حقيقيا بين الثقافات والديانات، أزيد من 200 فنان من 15 بلدا، استمرارا لروح مدينة فاس باعتبارها حاضرة تاريخية كانت على مر الدوام ملتقى للمعرفة والروحانية.
وتجسد دورة هذا العام، المنظمة تحت شعار “انبعاثات” رؤية المغرب، الذي يرسخ سنة بعد أخرى، مكانته كفضاء للتجديد الثقافي والروحي والفني.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.