18 أبريل 2024

تزايد التكهنات حول أزمة عقارية محتملة بالبرتغال

Maroc24 | دولي |  
تزايد التكهنات حول أزمة عقارية محتملة بالبرتغال

إلى حدود بداية 2020، أي سنة انتشار جائحة (كوفيد-19)، كانت البرتغال تتقدم الدول التي نجحت في تحقيق انتعاشة ملحوظة في اقتصادها ككل وفي سوقها العقاري على وجه الخصوص، وتمكنت بالتالي من تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي أرخت بظلالها على أوروبا والعالم منذ نهاية العشرية الأولى من الألفية الثالثة.

ويبدو أن الأمر لم يعد كذلك في بداية 2023، حيث عبر المسؤلون عن قلق كبير بشأن مستقبل سوق العقار خلال سنة 2023، في ظل تزايد التكهنات حول أزمة عقارية محتملة، تعززت أكثر بعد صدور دراسة دولية أنجزتها “فاليو أوف ستوكس” (Value of Stocks)،مؤخرا، اعتبرت البرتغال السوق العقاري الأكثر عرضة للانهيار في أوربا.

تجد هذه الشكوك مصدرها في أسباب متعددة، فعلاوة على أن تداعيات الركود التي عرفها سوق العقار والاقتصاد البرتغالي ككل بفعل الجائحة لم تنته بعد، هناك ارتفاع التضخم الناتج عن الأزمة الطاقية التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع نسبة الفائدة بين الأبناك المطبقة في السوق الأوربية، التي تجعل الرهون العقارية أقل جاذبية، وتخلق وضعا إشكاليا مع قروض بأسعار فائدة متغيرة.

ثمة بعض الأوساط التي تقلل من حدة هذه الأزمة المحتملة وتبدو متفائلة إزاء المستقبل، وتعتبر أن ما يجري تداوله بشأن سوق العقار هي مجرد شكوك عابرة سرعان ما ستتبدد بحلول الصيف المقبل، حيث النجاحات الكبيرة التي اعتادت السياحة البرتغالية تحقيقها خلال هذا الفصل ستغير الكثير من المعطيات على هذا المستوى.

كما تقدر في نفس الوقت أن سوق العقار البرتغالي لا يزال صامدا بشكل جيد بفضل الموقع الجغرافي المتميز لهذا البلد، الذي يبقى مطلوبا بشكل كبير في الأوقات الجيدة كما في الأوقات السيئة، بفضل الأثمنة المناسبة وأسلوب العيش وجودة المناخ وفضائل الاستقرار.

علاوة على ذلك، تدفع تلك الأوساط في التخفيف من تكهنات الأزمة بعدم تراجع الاتجاه التصاعدي الذي تعرفه الهجرة من البلدان الغنية، حيث لا تزال البرتغال قبلة للعديد من المستثمرين، وأيضا بالتدابير التي اتخذتها الحكومة البرتغالية التي تدرك جيدا المكانة الفريدة التي تتمتع بها البلد والسمعة التي تحظى بها كقبلة للباحثين عن العمل والترفيه، من أجل تشجيع الهجرة نحو البرتغال وتعزيز جاذبيته، على غرار برنامج “التأشيرة الذهبية”، وبرامج أخرى تقدم حوافز ضريبية للمستثمرين الأجانب، بالشكل الذي يجعلها من أهم العناصر المحركة لسوق العقارات في هذا البلد.

غير أن هذه المعطيات الإيجابية، على أهميتها، لا تحجب حقيقة أن البرتغاليين قلقون حول ما إذا كان بإمكانهم تحمل تكاليف العيش في المدن التي يقطنون بها، حسب صحيفة “برتغال نيوز” الإلكترونية، حيث يتجه سوق شراء العقار نحو الانخفاض، من خلال انسحاب العديد من المشترين الذين كانوا يتطلعون إلى الاقتراض.

ويعزى هذا التراجع، بحسب بحث حول العقارات الاستثمارية أجرته (كونفدانسيال إيموبيليارو)، والرابطة البرتغالية للمنعشين والمستثمرين في مجال العقار، أساسا، إلى تراجع القدرة الشرائية لدى عدد كبير من الأسر البرتغالية، بفعل الارتفاع المتزايد للأسعار، واستمرار تأثير جائحة “كوفيد-19” على الوضعية الاقتصادية والمالية للبرتغاليين.

كما لا يشعر المستثمرون بالراحة وهم يفكرون في مستقبل هذا القطاع، على نحو ما يعكس ذلك تصريح لرئيس مجموعة (Savvy Cat Realtya)، التي تم إنشاؤها لمساعدة المهاجرين على إبرام صفقات جيدة بطريقة مستدامة والاندماج بشكل إيجابي في البرتغال، قال فيه “أشعر بالقلق بشأن عام 2023. ورغم أنني أعتقد أن هذا الانخفاض في العقارات سيكون مؤقتا وستعود الأمور إلى نصابها، إلا أن اقتصادنا الداخلي غير جاهز، والبرتغاليون ليسوا مستعدين”.

في مواجهة هذه الأزمة المحتملة، تعمل السلطات البرتغالية ومعها كل المتدخلين في قطاع العقار، على قدم وساق، في الوقت الحاضر على إيجاد البدائل الممكنة لتجاوز هذه العقبات.

في هذا الإطار، استبعدت الحكومة البرتغالية بعض الحلول التي لجأت إليها بلدان أخرى وجدت نفسها هي الأخرى في قلب الأزمة العقارية، مثل نيوزيلاندا وكندا، التي أقدمت على منع الأجانب من شراء العقارات بغرض التحكم في ارتفاع الأسعار، بعد أن اعتبرها خبراء سوق العقار في البرتغال أنها ليست بدائل مناسبة، لكنها في المقابل تدرس إمكانيات أخرى.

في هذا الإطار، فإن إنهاء الامتيازات والتخفيضات الضريبية التي تخولها البرتغال للمستثمرين الأجانب، وإلغاء برنامج “التأشيرات الذهبية” في قطاع العقارات، توجد على رأس جدول أعمال الجهاز التنفيذي بالبرتغال، الذي يقدر أنه يمكن أن يكون لهذه الإجراءات تأثير إيجابي في الحد من أسعار العقار التي تعرف اليوم نسبة ارتفاع غير مسبوقة منذ سنة 1991.

فضلا عن ذلك، يعتبر العديد من المسؤولين، مثل فرانسيسكو موتا فيريرا، مستشار صناديق الاستثمار والمستثمرين بالقطاع الخاص، في تصريحات صحفية، أن الحل يكمن في المزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص من أجل إعادة تأهيل “السكن العام”.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.