شكل موضوع “المقاومة المغربية المسلحة .. جيش التحرير بالجنوب نموذجا” محور محاضرة نظمتها، أمس الثلاثاء بمراكش، المديرية الجهوية للثقافة بجهة مراكش-آسفي، بتعاون مع المندوبية الجهوية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وذلك تخليدا للذكرى 64 لزيارة الوحدة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، لمحاميد الغزلان، والذكرى 64 لمعركة الدشيرة، والذكرى 46 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية المسترجعة.
وفي هذا الصدد، قال النائب الجهوي للمقاومة وجيش التحرير، محمد جولان، إن المغرب عرف مقاومة مسلحة شديدة منذ بداية الاستعمار، انطلاقا من معركة الهري سنة 1914 بزيان، أي بعد سنتين من توقيع معاهدة الحماية، حيث ظل العمل المسلح قائما إلى حدود سنة 1936 حيث أصبحت المقاومة سياسية خصوصا منذ تقديم وثيقة المطالبة بالاتستقلال سنة 1944، لتستمر بعد ذلك على الواجهتين السياسية والعسكرية.
وأضاف أن المدن الكبرى اضطلعت بدور فعال في مجال تكوين منظمات فدائية مسلحة خصوصا بمدينة الدار البيضاء، التي عرفت لوحدها انبثاق جل المنظمات الفدائية، مذكرا بأن المقاومة المسلحة المغربية انطلقت من المدن ذات أهمية اجتماعية واقتصادية وسياسية.
وأشار إلى أن المقاومة المسلحة اتخذت بالمغرب، انطلاقا من سنة 1955، مسارا آخرا حيث اتخذت من الحواجز الطبيعية والمناخية لمساعدتها في تحقيق أهدافها، خاصة رجوع السلطان محمد الخامس إلى وطنه واستقلال المغرب، مضيفا أن المناطق الجنوبية كانت لا تزال ترزح تحت سلطات الاستعمار وبالأخص الإسباني، إذ تم إنشاء جيش التحرير بالجنوب حيث كان لرواده، قبل إحداث هذا التنظيم، أعمالا غير عسكرية تمثلت، بالخصوص، في ترسيخ الوعي الوطني في القبائل بالمناطق الجنوبية.
وقال إن التنظيم القبلي التقليدي اضطلع بدور مهم في تجميع مختلف القبائل، وشكلت هذه الهياكل التنظيمية صلة وصل بين العرش العلوي المجيد ومختلف القبائل الصحراوية، الشيء الذي شجع بعض الشخصيات الصحراوية البارزة للالتحاق بالمغرب الوطن الأم، وهو العامل الذي أذكى حماس الصحراويين ليزدادوا إيمانا بوطنيتهم وكفاحهم ضد المستعمر، وأصبح معه أبناء المناطق الصحراوية يتقلدون مناصب مهمة في صفوف جيش التحرير.
وتم، خلال هذا اللقاء، الذي نظم في إطار برنامج ثقافي (من 1 الى 3 مارس)، تنظيم معرض للكتاب حول هذه الذكرى وآخر للصور التاريخية ومحاضرات حول المقاومة المسلحة، وورشة الحكاية من كتاب “همسة السلطان في محاميد الغزلان”، وعرض أشرطة وثائقية ذات الصلة بالموضوع، بتقديم شهادة حية للمقاوم لحسن زغلول بالإضافة إلى قصيدة شعرية من نظم الحسين الورقي.
وتسعى المديرية الجهوية للثقافة وشركاؤها المنظمين، من خلال هذه التظاهرة الثقافية المتنوعة، إلى التعريف بتاريخ المغرب واستحضار الإرث النضالي للأجداد المغاربة في تحقيق الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية، وربط فئة الشباب على وجه الخصوص بالامتداد التاريخي للمغرب بما يساهم في تعزيز روح الانتماء الوطني.
وتتضمن هذه التظاهرة، التي تحتضن أشغالها القاعة الصغرى بدار الثقافة الداوديات ومسرح دار الثقافة بقلعة السراغنة والمركز الثقافي سيدي رحال، معرضا للصور التاريخية حول زيارة الملك محمد الخامس لمحاميد الغزلان، وجيش التحرير بجنوب المغرب وكذا المسيرة الخضراء، كما تمت برمجة معرض للكتاب حول الذكرى لفائدة الصغار الكبار.
ويتضمن البرنامج الاحتفالي، أيضا، تنظيم ندوة علمية بمشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين والمختصين، بالإضافة إلى عرض أشرطة وثائقية تؤرخ للذكرى.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.