24 أبريل 2024

فاس مكناس… نسيج ثقافي تخطى ظلال الجائحة كي تظل ألسنة الشعلة موقدة

فاس مكناس… نسيج ثقافي تخطى ظلال الجائحة كي تظل ألسنة الشعلة موقدة

ينصرم عام آخر على المشهد الثقافي والفني تحت الظلال الثقيلة لجائحة كوفيد 19، التي نالت من انتظام الأنشطة في الفضاءات العمومية وكرست أجواء اللايقين في صفوف المبدعين من مختلف المشارب.

غير أن هذا الوضع العالمي لم يثبط إرادة الفاعلين في الحقل الثقافي والفني والجمهور على السواء في الاحتفاظ بشعلة الأمل، واستغلال الهوامش المتاحة كلما تحسنت الوضعية الوبائية في صناعة لحظات المتعة والاستفادة بمختلف الفضاءات العمومية، مسرحا وسينما وفنا تشكيليا وغير ذلك من الوان الإبداع.

ويمكن ملاحظة أن قطاع التنشيط السينمائي كان الأكثر حيوية خلال الشهور الأخيرة من هذا العام، حيث توالت المهرجانات في مختلف أنحاء الجهة تجديدا للوصل بين مبدعي الشاشة الكبرى وجماهير متعطشة.

وكانت سلسلة هذه المهرجانات قد دشنت بفاس من خلال تنظيم الدورة السادسة لمهرجان أغورا الدولي للسينما والفلسفة، التي انطلقت بتكريم المفكر الفلسفي محمد مصطفى القباج مستحضرة عطاءاته في تأسيس الدرس الفلسفي بالمغرب وفي ربط الجسور بين الفلسفة وباقي المعارف والفنون.

وعرف المهرجان الذي احتفى ببلجيكا كضيف شرف، عرض ثمانية أفلام قصيرة وخمسة أفلام طويلة من المغرب، إيطاليا وفرنسا وبلجيكا ومصر.

وعلى هامش عروض الدورة، أقيمت مائدة مستديرة حول موضوع “السينما والزمن” وأخرى حول “السينما والصناعة الثقافية”.

وبذات المدينة، تجددت فعاليات مهرجان سينما المدينة الذي نظمته جمعية إبداع الفيلم المتوسطي في دورته الخامسة والعشرين التي انطلقت بتكريم الممثل عمر العزوزي ومهندسة الديكور السينمائي فاطمة العلوي.

وعرضت الدورة مجموعة من الأفلام القصيرة والطويلة، ضمنها فيلم “نديرة” لكمال كمال و “كازا أوفردوز” لعادل عمور من المغرب، و”متشابهون” للتونسي حبيب المستيري و”العلمين” للايطالي إنزو مونتيليوني الذي حظى بالتكريم في اختتام المهرجان.

وراهنت التظاهرة التي رفعت شعار “المدينة المغربية بعيون السينمائيين” على إثارة اهتمام السينمائيين بالمدينة المغربية كفضاء لتصوير الانتاجات بالنظر الى دور المكان كفاعل أساسي في صناعة الصورة السينمائية. وينطلق هذا الاهتمام من النماذج الناجحة لأفلام كان لها أبلغ الأثر في اعطاء إشعاع للمدن التي صورت بها.

وبأنشطة زاوجت بين الحضوري والرقمي، حرص منظمو “أيام فاس للتواصل السينمائي” على تنظيم التظاهرة في دورتها التاسعة التي احتفت بالانتاج الوطني من الأفلام القصيرة متوجة فيلم “مداد أخير” ليزيد القادري، ومكرمة الممثل المتميز سعيد باي.

حركية المهرجانات تجاوزت مركز الجهة، ففي إفران وأزرو، نظمت فعاليات الدورة 22 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير التي سلطت الضوء على موضوع “صوت الشباب بين الإبداع وإشكالية الإنتاج السينمائي”. وانطلق المهرجان المنظم بمبادرة من جمعية نادي الشاشة للطفولة والشباب بتكريم الممثلين ربيع القاطي وفاطمة هراندي المعروفة ب “راوية”، وهشام بهلول.

وبرمجت إدارة المهرجان مسابقتين، الأولى تتعلق بكتابة السيناريو، أما الثانية فهي مسابقة الأرز الذهبي التي عرفت تباري 18 فيلما قصيرا من مختلف دول العالم.

كذلك الشأن في إيموزار، حيث احتفى مهرجان سينما الشعوب، في دورته ال 17 بالمخرج المغربي محمد بوزكو اعترافا بالعطاءات والإنتاجات التي قدمها في المشهد السمعي البصري.

والى جانب المسابقة التي شارك فيها 13 فيلما قصيرا، عرفت الدورة تقديم الإصدار الرابع عشر الذي يحمل عنوان “السفر في السينما المغربية”.

في مجال الفن التشكيلي، استأثرت مدينة فاس بأهم التظاهرات التي عنوانها اللون والحركة والفضاء. فقد احتضن رواق محمد القاسمي معرضا تشكيليا جماعيا للأطفال تحت عنوان “الفن التشكيلي بأنامل طيور الجنة”، وذلك بمبادرة من المديرية الجهوية للثقافة لجهة فاس مكناس.

واندرج المعرض التشكيلي الجماعي في إطار ورشة الفنانين التي أشرف على تأطيرها الفنان التشكيلي عبد الرحيم الحسني. وقدم لزواره حوالي 71 لوحة فنية تشكيلية من مختلف المدارس الفنية، أبدع في رسمها 42 طفلا يتراوح سنهم ما بين 5 و10 سنوات.

وفي حدث يضع الفن في تخوم العلاقات بين الثقافات والشعوب، أقام الفنان السينغالي ديان باباكار سامب معرضا لفن الحروفية في فاس، يحتفي باسم الجلالة.

وصنعت لوحات المعرض الذي احتضنه فيلا “مكتوب” قرب الزاوية التيجانية بالمدينة العتيقة، فضاء روحانيا تشع فيه أسماء الله، وتعكس نزعة صوفية تروم الارتقاء على مدارج النور الإلهي.

وبرواق محمد القاسمي، أقيم المعرض الجهوي لأساتذة الفنون التشكيلية في نسخته الثانية، بمبادرة من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس مكناس.

وشارك في المعرض التشكيلي الذي نظم تحت شعار “التشكيل والبعد التنموي لترسيخ أسس التربية الجمالية لدى الناشئة” 40 أستاذا لمادة الفنون التشكيلية بالجهة.

وقدم المعرض تجارب فنية متفرقة لفنانين يجمعهم المجال التربوي والتعليمي من خلال لوحات إبداعية تستلهم التراث التقليدي المحلي بالجهة والتراث العربي الإسلامي بالإضافة إلى لوحات فنية من الطبيعة .

وتمسك أبو الفنون بقدرته على الصمود والانبعاث بأمل في معانقة حرارة التفاعل مع الجمهور. وبعد أشهر طويلة، دبت الحياة من جديد بالمسرح بجهة فاس مكناس، احتفالا باليوم العالمي لهذا الفن (27 مارس من كل سنة)، بتقديم عروض مسرحية مصورة لفرقة “نادي مرآة للمسرح” بمسرحيتها “بورسويت” في إطار الجولات المسرحية المدعمة من وزارة الثقافة والشباب والرياضة- قطاع الثقافة.

وفي الأدب، تجددت حركية اللقاء خصوصا في طار البرمجة الثقافية للمعهد الفرنسي بفاس، الذي احتفى بالشعر والأدب واستضاف روائيين مبدعين، قبل أن يحل شطر جديد من الغموض والأفق الملبد بالشك نتيجة تطورات الوضعية الوبائية في العالم، التي اقتضت من السلطات إعادة تشديد بعض القيود، وضمنها منع المهرجانات والأنشطة الفنية والثقافية في انتظار انفراجة قريبة، يتمناها الفاعلون في القطاع الثقافي والفني دائمة.

المصدر:  و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.