19 أبريل 2024

كيف ربحت الصين في صراعها مع أمريكا على الطاقة النظيفة ؟

Maroc24 | اقتصاد | دولي |  
كيف ربحت الصين في صراعها مع أمريكا على الطاقة النظيفة ؟

تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز ” New York Times ” الأميركية كشف فيه الكاتبان “إريك لبتون ” و “ديون سيرسي ” في تقرير استقصائي بأن شركة صينية استحوذت على منجم للكوبالت في جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي يعد أحد أكبر مناجم الكوبالت في العالم في إطار صفقة أبرمتها مع شركة “فريبورت ماكموران” العملاقة للتعدين التي يقع مقرها في أريزونا . و يعتبر هذا المعدن ثمين و نادر للغاية إذ يستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وهو يلعب الآن دورا بالغ الأهمية في الحد من استهلاك الوقود الأحفوري المسؤول عن تغير المناخ . و كان الدبلوماسي الأميركي الكبير في أفريقيا في ذلك الوقت توم بيرييلو قد ناقوس الخطر في وزارة الخارجية عبر رسائل بريد مستعجلة ومكالمات هاتفية والتماسات، وسعى المدير العام الكونغولي للمنجم آنذاك أندري كابانغا إلى دفع السفير الأميركي في الكونغو للتدخل، حيث حذره من أنهم يرتكبون خطئا فادحا من خلال التفريط بأجيال من الاستثمار في العلاقات الدبلوماسية مع الكونغو، التي تعتبر مصدر أكثر من ثلثي الاحتياطي العالمي من الكوبالت .

منذ عهد الرئيس دوايت أيزنهاور، أرسل رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون مئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات -بما في ذلك طائرات النقل والمعدات العسكرية الأخرى- إلى الدولة الغنية بالمعادن، ومن ثم تدخل الرئيس ريتشارد نيكسون، ومن ثم وزارة الخارجية في عهد هيلاري كلينتون، للحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين، وقد استثمرت شركة “فريبورت ماكموران” (Free port McMoRan) مليارات الدولارات في الكونغو قبل بيع المنجم إلى الشركة الصينية .

و أضاف الكاتبان أن شركة “تشاينا موليبدينوم” (China Moly bdenum) الصينية تمكنت من الاستحواذ على شركة التعدين المعروفة باسم “تنك فانغورام” خلال الأشهر الأخيرة من إدارة أوباما، وشراء أحد أكبر مناجم الكوبالت من شركة “فريبورت ماكموران”، دون أن تواجه أي عوائق.

وفي الواقع، فإن سعي الصين وراء ثروة الكوبالت في الكونغو منحها الأسبقية على الولايات المتحدة في سباق الهيمنة على صناعة السيارات الكهربائية، التي باتت تمثل المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي.

لكن التحقيق الذي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” كشف تاريخا خفيا لعمليات الاستحواذ على مناجم الكوبالت، حيث تنازلت الولايات المتحدة عن موارد ثمينة لصالح الصين، لتفشل في حماية عقود من الاستثمارات الدبلوماسية والمالية في الكونغو.

وأضاف الكاتبان أن بيع هذين المنجمين الغنيين أيضا بالنحاس للصين يسلط الضوء على التحول الجغرافي والسياسي لثورة الطاقة النظيفة، حيث أصبحت الدول الغنية بالكوبالت والليثيوم وغيرها من المواد الخام اللازمة في صناعة البطاريات، تلعب دور عمالقة النفط .

و فقدت الولايات المتحدة الأمريكية نفوذها على هذه المناجم على مرأى من الرئيسين السابقين باراك أوباما الذي كان كل اهتمامه في ذلك الوقت مركزا على حرب أفغانستان والتصدي لتنظيم الدولة، ودونالد ترامب المعروف بتشكيكه في جدوى قضايا تغير المناخ المرتبط بالوقود الأحفوري والقوى الانتخابية التي تقف ورائها .

وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي التي كانت الولايات المتحدة قلقة من أن تسيطر على النحاس والكوبالت واليورانيوم . لم تعد واشنطن بعد ذلك مهتمة و قد كان نتيجة ذلك تخفيض المساعدات المالية السخية التي ساعدت الشركات الأميركية على القيام بأعمال تجارية في الكونغو . و هو ما تظهره الوثائق والمقابلات التي كشفت عنها الصحيفة، وفي إفريقيا على وجه الخصوص ركزت الولايات المتحدة على قضايا حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة. أما على الصعيد العالمي وتحديدا بعد عام 2001 أصبحت الحرب على الإرهاب هي القضية الرئيسية بالنسبة لواشنطن .

و أصبحت الشركات الصينية هي الوحيدة التي قدمت عروضا جادة حيث قالت كاثلين كويرك رئيسة شركة “فريبورت ماكموران”، في مقابلة لها: “لقد كانوا أسرع من أي جهة أخرى، لذلك أتممنا الصفقة”، كان على الشركة الأميركية بيع المنجم بسبب خسارتها الرهان الذي وضعته على صناعة النفط والغاز قبل هبوط أسعار النفط وبداية تحول العالم نحو الطاقة المتجددة، ومع تراكم الديون لم تجد الشركة خيارا سوى إنهاء عملياتها في الكونغو .

خلال العام الماضي، ومع تسارع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، عملت الحكومة الأميركية والقطاع الخاص على تلافي أخطاء الماضي بسرعة، من خلال تكثيف البحث عن إمدادات جديدة من الكوبالت، وتصنيع بطاريات خالية من الكوبالت لبعض السيارات الكهربائية، لكن كل ذلك لا يضاهي الجهود الصينية للاستحواذ على المعادن الأساسية الضرورية لإرساء اقتصاد صديق للبيئة مستقبلا، بما في ذلك الكوبالت و الليثيوم .

المصدر : The New York Times


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.