بولمان.. الناشئة والأجيال الجديدة والمتعاقبة في أمس الحاجة إلى تعريفها بتاريخ المملكة التليد الطافح بالملاحم والبطولات (السيد الكثيري)

أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن الناشئة والأجيال الجديدة والمتعاقبة في أمس الحاجة إلى تعريفها بتاريخ المملكة الأثيل والتليد الطافح بالملاحم والبطولات والزاخر بالأمجاد والمكرمات، لاستقراء جوانبه وفصوله واستلهام قيمه وعبره وعظاته.
وأضاف السيد الكثيري، في كلمة خلال لقاء ن ظم اليوم الأربعاء بجماعة إيموزار مرموشة (إقليم بولمان) بمناسبة تخليد الذكرى ال70 لانطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بشمال المملكة، تلاها نيابة عنه مدير الأنظمة والدراسات التاريخية بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حميدة معروفي، أنه نظرا للمكانة الرفيعة لأمجاد وروائع الكفاح الوطني، “يجدر بنا جميعا أن نضطلع بمهام التمحيص في هذا الرصيد التاريخي بحمولته الثقيلة والرفيعة لنشره وإشاعته في أوساط أجيال اليوم والغد ليقفوا على مضامينه وفصوله وأبعاده ويتعرفوا على ملاحمه وبطولاته”.
وأوضح، في هذا الصدد، أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أولت عناية خاصة لورش صيانة وتوثيق الذاكرة التاريخية الوطنية ولم تدخر جهدا في إغناء الساحة الفكرية والثقافية بحصاد من الإصدارات والمنشورات، بلغ عددها إلى نهاية سنة 2024 ما مجموعه 883 إصدارا نوعيا، يضم أطاريح جامعية ومؤلفات وسيرا ذاتية وندوات علمية وأياما دراسية وقصصا موجهة للأطفال والناشئة، بلغت حصيلتها 90 قصة، تهم أحداث وأعلام ورموز الحركة الوطنية والمقاومة والفداء، بالإضافة إلى 45 عددا من مجلة الذاكرة الوطنية.
وتابع السيد الكثيري، أنه تم في السياق ذاته إصدار موسوعة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بالمغرب التي بلغ مجموع مجلداتها إلى اليوم 31 مجلدا، منها 11 مجلدا من سلسلة “معجم تراجم المقاومين”، الذي يضم المجلد الرابع منها ما مجموعه 188 نبذة عن قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المنتمين لإقليم بولمان، ناهيك عن توطين ما يفوق أربعة ملايين ومئتين وستة آلاف وتسع مائة وأربعة عشر وثيقة ذات الصلة بالحركة الوطنية والفداء والمقاومة المسلحة وجيش التحرير من الأرشيف الفرنسي والاسباني والروسي والتركي، علاوة على مبادرات ومشاريع استنساخ المزيد من الوثائق التاريخية المودعة في عدد من البلدان الأوروبية.
وأشار إلى أن هذه المبادرات والجهود ت وجت بإصدار سلسلة دفاتر الوثائق التاريخية للمقاومة والتحرير التي بلغ عددها حاليا 13 دفترا تحمل في متونها وثائق منتقاة ومختارة من هذا الأرشيف تتناول مواضيع متنوعة بين فعل المقاومة والعمل الوطني والنضال السياسي والنقابي بالمغرب إبان فترة الحماية، أربع إصدارات من هذه السلسلة من الدفاتر حول انطلاق عمليات جيش التحرير بشمال المملكة وجنوبها، وهي المجلدات ذات الأرقام 10 و11 و12 و13.
وأبرز المندوب السامي أنه في مجال إحداث شبكة من فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير عبر مختلف ولايات وعمالات وأقاليم المملكة والبالغ عددها 106 وحدة –فضاء، يتوفر إقليم بولمان على ثلاثة فضاءات للذاكرة التاريخية، وتحديدا بكل من ميسور وايموزار مرموشة وأوطاط الحاج، في انتظار انتهاء أشغال بناء الفضاء الرابع على مستوى الإقليم بجماعة بولمان.
وأوضح أن هذه الفضاءات تروم صيانة وتثمين الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية بكافة مضامينها وروائعها والملاحم البطولية التي خاضها الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد في سبيل الحرية والاستقلال، هذه الفضاءات التي تعد منارات إشعاعية وثقافية تساهم في تعريف الناشئة والأجيال المتعاقبة بمفاخر سجل تاريخنا التليد وما يختزنه تراثنا الحضاري من أمجاد ومكارم.
ومن جهة أخرى، أفاد السيد الكثيري بأن الانطلاقة المظفرة للعمليات الأولى لجيش التحرير بشمال الوطن في فاتح وثاني أكتوبر 1955م، شكلت منعطفا حاسما في مسار الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي الأبي بقيادة العرش العلوي المنيف من أجل نيل الحرية والاستقلال، ومثلت ضغطا سياسيا على السلطات الاستعمارية التي أذعنت لموقف جلالة المغفور له محمد الخامس تجاه الحكومة الفرنسية التي ما كان لها إلا أن ترضخ لعودته المظفرة من منفاه بجزيرة مدغشقر وفتح باب النقاش والمفاوضات من أجل استقلال البلاد وحريتها.
وأضاف أنه بعد انصرام 45 يوما على انتفاضة أكتوبر 1955م المجيدة، عاد بطل التحرير والاستقلال والوحدة، جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني والأسرة الملكية الشريفة إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955م، ليزف الملك المجاهد إلى شعبه الوفي في أول خطاب له يوم 18 نونبر 1955م بعد العودة الميمونة، بشرى بزوغ فجر الحرية والاستقلال وانتهاء فترة الحجر والحماية والانتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
وأبرز أن التاريخ سجل لأبناء مناطق إيموزار مرموشة وقوفهم الصامد في وجه المستعمر الغاشم، منذ أن وطأت أقدامه أراضي إقليم بولمان خلال الحقبة التاريخية الممتدة ما بين 1916م و1926م.
من جهته، أفاد رئيس جماعة إيموزار مرموشة ، عسو الملودي، في كلمة مماثلة، بأن تخليد هذه الذكرى يعد مناسبة لاستحضار المحطات البارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.
وأضاف أن الذاكرة التاريخية المحلية والوطنية تحفل بكثير من المعارك والبطولات التي كانت شاهدة على التكافل والتلاحم بين أبناء قبائل مرموشة والقبائل المجاورة للتصدي للقوات الاستعمارية، ودفاعهم عن حوزة الوطن ووفائهم للمقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
وتضمن برنامج هذا اللقاء الذي حضره، على الخصوص، عامل إقليم بولمان علال الباز، تكريم 6 أفراد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من أبناء المنطقة، بالإضافة إلى تخصيص إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.