يجيب رئيس جامعة القاضي عياض بمراكش بلعيد بوكادير في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء عن مستجدات الدخول الجامعي الجديد برسم 2025 -2026، وأهم التحديات التي تواجهها الجامعة في سياق التحولات السريعة التي يشهدها مجال التعليم العالي.
1 – ماهي التوجهات الكبرى التي تميز الدخول الجامعي الجديد بجامعة القاضي عياض؟
تعمل جامعة القاضي عياض كل سنة على الإعداد للدخول الجامعي، سواء من حيث الإخبار والتوجيه أو اقتراح مشاريع جديدة للتكوين، وغيرها من الإجراءات، التي تمكن من مرور الدخول الجامعي في أفضل الظروف.
أول ما ميز الدخول الجامعي الحالي أنه جاء مباشرة بعد المصادقة من طرف مجلس الحكومة على مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي، ويأتي هذا المشروع انسجاما مع مضامين القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وذلك من أجل تعزيز إسهام التعليم العالي والبحث العلمي في تحقيق الأولويات التنموية، وضمان دوره المحوري في تكوين رأسمال بشري كفء قادر على مواكبة السياسات العمومية والبرامج الوطنية والأوراش الكبرى التي تشهدها المملكة.
كما عرف الدخول الجامعي الحالي تجويدا بيداغوجيا حيث تمت تغييرات على مستوى جميع المسالك وفق الصيغة الجديدة لدفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية. ويتجلى هذا التجويد الذي تضعه الجامعة في صدارة أولوياتها في تطوير البرامج البيداغوجية وتحيين مناهج التدريس بما يواكب متطلبات سوق الشغل والتحولات الرقمية المتسارعة، مع الحرص على إكساب الطلبة كفاءات مهنية ومهارات ت مك نهم من الاندماج الناجع في النسيج الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا الإطار، لم تقتصر الجهود على اعتماد دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية الجديدة، بل امتدت إلى ابتكار مسالك جديدة، مما يعكس إرادة قوية لجامعتنا في جعل التكوين الجامعي أكثر جاذبية وملاءمة لحاجيات العصر. ومن بين المستجدات المرتبطة بالتكوينات فقد تم إحداث مسالك “الباشلور” في التكنولوجيا على مستوى المدارس العليا للتكنولوجيا التابعة للجامعة.
في موازاة ذلك، تولي جامعة القاضي عياض عناية خاصة بالبحث العلمي والابتكار باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لتأهيل الجامعة وتعزيز إشعاعها. فهي تشجع المشاريع التعاونية متعددة التخصصات، وتعمل على تثمين مخرجات البحث وربطها بشكل مباشر بالقضايا التنموية ذات الأولوية على المستويين الوطني والجهوي، مثل الانتقال الطاقي، الأمن المائي، التحولات البيئية والصحية، والذكاء الاصطناعي. كما تسعى الجامعة إلى خلق بيئة محفزة للباحثين والطلبة الباحثين من خلال دعم المبادرات العلمية، وتقوية البنيات البحثية، وتوسيع شراكاتها مع الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات الوطنية والدولية، بما يضمن الرفع من مردودية البحث وإبراز أثره الملموس في المجتمع.
2 – كيف تواكب الجامعة الطلبة في تطوير كفاءاتهم بعيدا عن الدروس التقليدية؟
تسعى جامعة القاضي عياض إلى مرافقة الطلبة في تطوير كفاءاتهم بشكل متكامل يتجاوز حدود الدروس التقليدية، وذلك عبر مقاربة شمولية تجعل من التكوين الجامعي تجربة معرفية وحياتية في آن واحد. فهي توفر فضاءات متعددة للأنشطة الثقافية والعلمية والفنية والرياضية. وإلى جانب ذلك، تعمل على تنظيم تكوينات موازية في مجالات اللغات من خلال مدينة اللغات والثقافات، بما يوسع آفاق الطلبة ويمنحهم أدوات عملية لمواكبة التحولات الراهنة.
كما تنفتح الجامعة على محيطها السوسيو-اقتصادي عبر شراكات استراتيجية مع مختلف الفاعلين، تتيح للطلبة فرصا للتدريب والتأطير المهني، مما يعزز قابليتهم للاندماج في سوق الشغل بروح منفتحة وكفاءات متنوعة. وفي هذا الصدد قامت الجامعة بإحداث فروع لمركز المسار المهني (career center) بمختلف المؤسسات التابعة لها.
أما على مستوى تعزيز الفكر المقاولاتي وروح ريادة الأعمال، توفر الجامعة من خلال مدينة الابتكار عددا من التكوينات والبرامج التدريبية والمسابقات، التي تهدف إلى تشجيع الطلبة على بلورة أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع مقاولاتية مبتكرة قابلة للتنفيذ. كما تعمل الجامعة على مواكبة هذه المشاريع عبر مراكز حاضنة ومختبرات للابتكار، وتوفير التأطير الأكاديمي والدعم التقني واللوجستيكي، فضلا عن عقد شراكات مع الفاعلين الاقتصاديين والهيئات الداعمة للمبادرات المقاولاتية، مما يتيح للطلبة فرصا حقيقية للاندماج في النسيج السوسيو-اقتصادي والمساهمة في تنمية محيطهم.
كما ستشهد هذه السنة حدثين بارزين على مستوى الخدمات الجامعية الموجهة للطلبة والباحثين؛ حيث سيتم افتتاح المكتبة الرقمية الجامعية، التي ستمكن من الولوج إلى رصيد معرفي وعلمي متنوع يغطي مختلف التخصصات، بما يعزز من فرص البحث والاطلاع ويوفر موارد رقمية حديثة في متناول الجميع. وإلى جانب ذلك، سيتم إطلاق برنامج “Code 212” الهادف إلى تطوير الكفاءات الرقمية والبرمجية لدى الطلبة، وتشجيعهم على الابتكار في مجال التكنولوجيا، بما ينسجم مع متطلبات التحول الرقمي والاقتصاد القائم على المعرفة.
3 – ماهي أهم التحديات التي تواجهها جامعة القاضي عياض في سياق التحولات السريعة التي يشهدها مجال التعليم العالي؟
إن التحديات التي تواجهها جامعة القاضي عياض لا تنفصل عن السياق العام الذي يعرفه التعليم العالي على الصعيدين الوطني والدولي. فاليوم، لم يعد قطاع التعليم العالي وحده معنيا بالتحولات العميقة والمتسارعة، بل تمتد آثار هذه التحولات إلى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، حيث أفرزت الثورة الرقمية والتكنولوجية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، واقعا جديدا يفرض مراجعة مستمرة للطرق التقليدية في التكوين والتدبير والبحث العلمي.
وفي هذا السياق، تواجه جامعتنا تحديا أساسيا يرتبط بارتفاع عدد الطلبة بشكل ملحوظ خلال كل موسم جامعي جديد، حيث بلغ العدد الإجمالي للمسجلين حوالي 120 ألف طالب. وهو ما يفرض علينا تحدي الملاءمة بين حجم الطلب المتزايد وإمكانيات الاستقبال المتاحة. ولمجابهة هذا الواقع، تعبأت الجامعة عبر هياكلها المختلفة، من لجان بيداغوجية ومجالس المؤسسات والجامعة، للإعداد الجيد لهذا الدخول الجامعي، وذلك باعتماد جملة من التدابير العملية الرامية إلى تخفيف الضغط وتحسين شروط التكوين.
ومن بين التحديات الكبرى التي عملت جامعة القاضي عياض على رفعها، يبرز تحدي إدماج مبادئ التنمية المستدامة في مختلف أدوارها ووظائفها. فقد كان لزاما على الجامعة، أمام التحولات المناخية والرهانات البيئية العالمية، أن تجعل من الاستدامة خيارا استراتيجيا موجها لمسالك التكوين وأنشطتها البحثية وآليات حكامتها.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.