رغم تأثير الرسوم الجمركية.. نيويورك تحافظ على تفوقها الاقتصادي على باقي المدن الأمريكية

خلفت الرسوم الجمركية، التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تأثيرا واضحا على الشركات المستقرة بنيويورك، حيث سجلت وتيرة التوظيف بها تراجعا حادا خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الجارية، رغم أن اقتصاد أكثر مدينة أمريكية كثافة سكانية ما يزال يتفوق على اقتصادات باقي كبريات المدن في الولايات المتحدة.
وقد أربكت هذه الضرائب الإضافية، المفروضة على شريحة واسعة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، سلاسل الإمداد ورفعت أسعار المواد الأولية والخدمات، ما دفع الشركات إلى تقليص نفقاتها، بما في ذلك إرجاء عمليات التوظيف، وفقا لاستطلاع أجري مؤخرا.
وتشير الأرقام الرسمية إلى تراجع ملحوظ في عمليات التوظيف. إذ بالكاد خلقت الشركات الخاصة بالمدينة حتى متم يوليوز الماضي نحو 5 آلاف وظيفة، مقابل 68 ألف في السنة السابقة، وهو تراجع يعد الأكبر منذ سنة 1995، بحسب مكتب إدارة الميزانية في نيويورك.
أما في القطاع العام، فقد تمكن قطاع الصحة من الحفاظ على متانته بوصفه أكبر مشغل، عبر خلق نحو 41 ألف منصب شغل. غير أن هذه الوظائف تبقى من بين الأدنى أجرا، وفق المصدر نفسه.
ورغم ذلك، ينتظر أن يتعرض هذا القطاع لهزة قوية خلال السنوات المقبلة، إذ من شأن التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس ترامب أن تقلص ميزانية برنامج ميديكيد – وهو تأمين صحي يستفيد منه نحو 4 ملايين من سكان نيويورك ذوي الدخل المحدود – بحوالي ألف مليار دولار خلال العقد القادم.
وحسب مكتب حاكم الولاية، فإن هذا التقليص قد يحرم نحو 1,5 مليون نيويوركي من تغطيتهم الصحية، ويتسبب في أزيد من 32 ألف حالة تسريح من العمل.
وفي تعليقه على هذه الأرقام، وصف الخبير الاقتصادي غريغوري ديفريطاس، الأستاذ الجامعي ومدير مركز دراسات العمل والديمقراطية بجامعة هوفسترا، في تصريحات نقلتها الصحافة، وتيرة التباطؤ في سوق العمل بأنها “صادمة”.
وليست الصورة أفضل حالا في قطاعات المال والإعلام والمهن الحرة، إذ تشير معطيات مكتب إدارة الميزانية إلى تراجع ملموس في وتيرة التوظيف. حيث لم يتم خلق سوى 3600 وظيفة جديدة منذ بداية السنة الجارية، مقابل 19.100 خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.
ويؤثر هذا الوضع سلبا على اقتصاد المدينة وبالتالي على اقتصاد الولاية التي تعتمد بشكل كبير على مداخيلها الضريبية. فعلى سبيل المثال، شكلت الضرائب المدفوعة من طرف العاملين في “وول ستريت” حوالي 20 بالمائة من إجمالي الإيرادات الضريبية لولاية نيويورك خلال عام، وفق مكتب مراقب الولاية.
ومع ذلك، وبالمقارنة مع كبريات المدن الأمريكية الأخرى مثل لوس أنجلس وسان فرانسيسكو، ما تزال نيويورك تحافظ على تفوقها في سوق الشغل، حيث أظهرت البيانات أن تلك المدن الكاليفورنية لم تخلق وظائف جديدة، بل فقدت أكثر من 20 ألف وظيفة خلال الفترة ذاتها.
وبحسب الأرقام الأخيرة الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فقد بلغ الناتج الداخلي الإجمالي للمدينة سنة 2022 أكثر من 1,206 مليار دولار، ما يجعل اقتصادها الأكبر على مستوى الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن الانتخابات البلدية المقبلة، المقرر إجراؤها في نونبر القادم، سيكون لها على الأرجح تأثير على اقتصاد المدينة، ذلك أن بعض المرشحين يقترحون فرض ضرائب مرتفعة قد تدفع أصحاب الثروات الكبيرة إلى مغادرتها.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.