أسفرت أعمال التنقيب التي يجريها علماء آثار في مدينة سارديس الأثرية بولاية مانيسا (غرب تركيا) عن اكتشاف بقايا قصر ليدي ضخم يعود تاريخه إلى نحو 2800 سنة، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية، اليوم السبت.
وأوضح الباحث نيكولاس كاهيل من جامعة ويسكونسن–ماديسون، الذي يقود فريق الحفريات، أن القصر عثر عليه على عمق يقارب ثمانية أمتار تحت الأرض، تحت طبقات متعاقبة تعود إلى الحقبة الفارسية والهلينستية والرومانية والبيزنطية.
وأضاف الباحث، في تصريح صحفي، أن الاكتشاف شمل أيضا منازل فاخرة ومبان مدرجة وحوالي 30 رأس سهم من البرونز، وبقايا هياكل عظمية بشرية، وتسع قطع نقدية فضية تعد من أقدم العملات في التاريخ.
ويقع القصر المكتشف على بعد نحو كيلومتر واحد شرق القاعة الرياضية القديمة، وكان من المرجح أن يشكل مقرا ملكيا ومركزا سياسيا واحتفاليا، ما يعكس مكانة المجتمع الليدي.
وأكد كاهيل أن هذا الاكتشاف يعيد النظر في التصور السائد بأن الليديين تأثروا باليونانيين وشرعوا في تشييد مدنهم خلال القرن السابع قبل الميلاد. فالقصر يسبق هذه الفترة بما لا يقل عن قرن، ويبرز أن الليديين كانوا يبنون منشآت حجرية ضخمة وشرفات معمارية مهيبة، مستلهمين نماذج من الشرق أكثر من الغرب، وهو ما يجسد استقلاليتهم كقوة أناضولية كبرى.
وتعد سارديس عاصمة مملكة ليديا، الدولة الغنية التي ازدهرت في الأناضول الغربي خلال القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. وبفضل موقعها على الطريق الملكي الفارسي الرابط بين سواحل بحر إيجه وعمق الإمبراطورية الفارسية، اضطلعت بدور محوري كبوابة بين فارس واليونان.
ويؤكد العثور على العملات الفضية الأولى في هذا الموقع ريادة الليديين في ابتكار النقود المعدنية، من خلال استخدامهم لمعدن الإلكتروم (خليط طبيعي من الذهب والفضة)، وهو ما أحدث ثورة في أنماط التجارة القديمة.
ويحتفظ موقع سارديس اليوم بآثار حضارية تمتد لأكثر من ألف عام، من بينها معبد أرتميس، وأكبر كنيس يهودي قديم معروف، ومركب رياضي-حمامي من الحقبة الرومانية، وكنيسة مسيحية، إضافة إلى تلال جنائزية تضم قبور ملوك ليديا.
وفي يوليوز الماضي، تم إدراج مدينة سارديس و”مقابر الألف تلة لليديين” ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وذلك خلال الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي المنعقدة في باريس.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.