تشهد تكساس، منذ أيام، صراعا سياسيا محتدما، حيث غادر حوالي 50 منتخبا ديمقراطيا تراب الولاية من أجل منع خصومهم من الحزب الجمهوري من إعادة رسم الخريطة الانتخابية المحلية لصالحهم، في أفق انتخابات التجديد النصفي المقررة في 2026.
فقد عمد المنتخبون الديمقراطيون إلى مغادرة تكساس في اتجاه نيويورك وإلينيوي وكاليفورنيا وماساتشوستس، مانعين بذلك الجمهوريين من تحقيق النصاب القانوني المحدد في ثلثي أعضاء مجلس نواب الولاية، والمطلوب من أجل التشريع والمصادقة على مخطط التقطيع الانتخابي الجديد خلال دورة استثنائية.
غير أن هذه الخطوة أثارت حفيظة مسؤولي الحزب الجمهوري في تكساس، إذ عمدوا إلى إصدار مذكرات توقيف في حق المنتخبين الديمقراطيين “الفارين”، والذين يعتزمون البقاء خارج تراب الولاية لما تبقى من الثلاثين يوما، مدة الدورة الاستثنائية المنعقدة منذ يوليوز.
هذه المناورة السياسية الجريئة تندرج في إطار حرب سياسية تتخذ أبعادا وطنية، وتتصاعد حدتها سريعا، في ظل سعي الحزب الجمهوري في تكساس إلى إقرار مخطط إعادة التقطيع الانتخابي بشكل استباقي. ويتم عادة إجراء عمليات إعادة التقسيم كل عشر سنوات على مستوى دوائر الكونغرس.
يعود السبب في ذلك إلى كون هذا الإجراء سيتيح للحزب الجمهوري الظفر بخمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب بالكونغرس الأمريكي، خلال الانتخابات التشريعية برسم السنة المقبلة.
فمن خلال توفير مناخ سياسي ملائم في سنة 2026، يأمل الجمهوريون في الحصول على امتياز يحول دون سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، التي من شأنها أن تجلب رياحا معاكسة للأجندة التشريعية الحالية للإدارة الفدرالية.
وفي تعبير عن استيائه إزاء هذه المناورة التي أقدم عليها الديمقراطيون، وقع الرئيس الجمهوري لمجلس النواب في ولاية تكساس مذكرات توقيف في حق المنتخبين الذين لم يحضروا الدورة الاستثنائية. غير أنه وبرأي خبراء قانونيين، أوردتهم وسائل الإعلام، فمن غير الممكن أن يتم تطبيق هذه المذكرات خارج حدود تكساس.
بدوره، أمر حاكم تكساس، الجمهوري غريغ أبوت، بتوقيف المنتخبين الذي “فروا” من الولاية، مهددا بتطبيق قانون محلي لطرد الديمقراطيين المتغيبين عن مجلس نواب ولاية تكساس وإدانتهم. وأكد أنه يمتلك صلاحية تجريد المنتخبين من مهامهم، بالنظر لكون غيابهم كان بشكل إرادي، ويروم عرقلة عمل الجمعية التشريعية، مما يعادل التخلي عن منصب في المجلس.
في المقابل، انتقد المنتخبون الديمقراطيون جهود الجمهوريين من أجل إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، متجاهلين تهديدات الحاكم.
وصرح المنتخب جون بوسي، أن المناورة الديمقراطية الرامية إلى الحيلولة دون اكتمال النصاب القانوني كانت “ضرورية”، مؤكدا أن احترام واجبهم والقسم يتطلب أحيانا الامتناع عن المشاركة في “لعبة مزيفة”. وقال بنبرة تحد: “نحن لا نهرب. بل نتجه قدما صوب الهدف”.
غير أن الأبعاد السياسية والإعلامية لهذه القضية تظهر مدى تحول الصراع المحتدم بشأن إعادة التقسيم الانتخابي إلى معركة وطنية، في وقت يستشرف فيه الحزبان استحقاقات التجديد النصفي، التي تشهد تنافسا شديدا.
وفيما توجد تكساس في صلب هذه المعركة، تعهد منتخبون ديمقراطيون في العديد من الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية، من إيلينوي إلى كاليفورنيا، مرورا بنيويورك، بالرد من خلال استخدام الخرائط الانتخابية الخاصة بولاياتهم.
إذ أكدت حاكمة ولاية نيويورك، الديمقراطية كاثي هوكول، هذا الأسبوع، أن عهد التقطيع الانتخابي السياسي المحايد قد ولى منذ زمن.
وقالت هوكول في تصريح للصحافة، بحضور العديد من المنتخبين الديمقراطيين من تكساس: “إذ كان الجمهوريون مستعدين لإعادة صياغة هذه القوانين من أجل الظفر بأفضلية، فإنهم لا يتركون لنا الخيار. يجب علينا القيام بالمثل”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.