شكل موضوع، “شفشاون، ملهمة الشعراء والفنانين”، محور ندوة علمية انعقدت بمشاركة ثلة من الباحثين والفنانين والأدباء والشعراء.
وأكد المشاركون، أمس السبت خلال الندوة الفكرية المنظمة في إطار الدورة التاسعة والثلاثين لملتقى أندلسيات شفشاون، أهمية التنوع في الإبداع الأدبي والفني والتراث المعماري الذي تتميز به شفشاون، والذي يعد مرآة تعكس الهوية الثقافية الغنية، والموروث الحضاري التاريخي المتجلي في العمارة والآداب والموسيقى.
وأبرز متدخلون أن شفشاون حاضنة للعراقة المغربية المتعددة الأصول والمشارب، والتي نلمسها في العمارة والفنون والحرف واللباس والطبخ والسلوك المجتمعي، مبرزين أن شفشاون تجسد غنى الروافد التي صنعت الهوية والحضارة المغربيتين، والتي تمتاز بخصوصيات فريدة من نوعها بحوض المتوسط.
في هذا السياق أشار المدير الإقليمي للثقافة بتطوان، العربي المصباحي، في كلمة بالمناسبة إلى أن شفشاون أصبحت “أيقونة متميزة على عدة أصعدة، سواء في مجال العمران والمعمار”، مضيفا أنها استطاعت أيضا أن تصنع لنفسها أنماطا خاصة في عدد من الصنائع وفي عدد من الحرف والمهن التقليدية، وهي سمة تتميز بها المدن العريقة فقط.
وأكد المصباحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الندوة تروم سبر أغوار حاضرة شفشاون على مستوى المنجز الفني والأدبي لتسليط الضوء على حضورها في إبداع ووجدان الشعراء والفنانين، موضحا أن الندوة تروم أيضا تسليط الضوء على التجليات الهوياتية والتراثية لحاضرة شفشاون في المجالين الثقافي والفني.
وتطرق متدخلون إلى أن التراث المادي واللامادي لحاضرة شفشاون يساهم بشكل كبير في الرفع من جاذبيتها السياحية، ويساهم في تعزيز مؤهلاتها الطبيعية ومجالاتها البيئية الغنية، وزيادة إشعاعها وطنيا ودوليا.
من جهتها، سلطت الفنانة الرائدة في فن الحضرة الشفشاونية، أرحوم البقالي، الضوء على أسماء الشيوخ والرموز المؤسسة للموسيقى الأندلسية في التاريخ المعاصر، معتبرة أن رواد هذا اللون الموسيقي لم يكونوا فنانين، بل “شيوخا” و”معلمين” و”مريدي الزوايا”.
واعتبرت أن استمرار هذا النمط الموسيقي العريق بين الأجيال بشفشاون لم يكن بفضل المجهود الأكاديمي، بل بفضل التلقين الصارم ضمن تقاليد متوارثة في الزوايا ودور العائلات الشفشاونية، مذكرة بأن التدريس الأكاديمي للموسيقى الأندلسية ابتدأ بشفشاون بتأسيس المعهد الموسيقي سنة 1976.
في هذا السياق، ذكرت بمجموعة من أعلام الموسيقى بشفشاون، ومن بينهم العلامة الهاشمي السفياني، أول مدير للمعهد الموسيقي ورئيس جوق مدينة شفشاون، وأيضا عبد القادر علوش، العازف على آلة العود والكلارنيط.
من جهتها، أبرزت الأديبة والباحثة الزهرة حمودان، في مداخلة لها، تأثير الحضارة الأندلسية على الم ن ت ج الأدبي والفني لمبدعي مدينة شفشاون، وإلهامها للشعراء والمتصوفة والرسامين والصناع التقليديين، مستحضرة أوجه تلاقح والتثاقف والتشابه بين غرناطة وتوأمها المغربية، شفشاون.
أما الشاعر عبدالحق بن رحمون، فقد توقف في مداخلته، عند الإلهام الأندلسي والروحي الذي تمنحه شفشاون للإبداع الشعري مما جعلها ملهمة الفنانين والشعراء وملاذهم الأمين وجنتهم فوق الأرض.
وواصل بن رحمون بأن شفشاون لحن خالد للأندلس، فهي قرطبة وحلمها المتحقق بعد قرون، مضيفا أنها وإن “كانت مدينة صغيرة، فهي مؤثرة ولها جاذبية في إهداء الجمال والطبيعة والتاريخ والحضارة العريقة والموهبة”.
كما تم خلال هذه الندوة الفكرية، التي تميزت بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات ثقافية متعددة، التأكيد على الأهمية الثقافية والفنية في الرفع من الجاذبية السياحية، والاقتصادية لشفشاون في إطار صناعة ثقافية تحتفي بالإبداعات المحلية.
يذكر أن الدورة 39 لملتقى الأندلسيات بشفشاون تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع عمالة وجماعة ومجلس إقليم شفشاون ومجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.