16 يوليو 2025

جلالة الملك يقود المغرب بحكمة وبراغماتية وجرأة (أليستر بيرت)

جلالة الملك يقود المغرب بحكمة وبراغماتية وجرأة (أليستر بيرت)

أكد الوزير البريطاني السابق المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أليستر بيرت، أنه في عالم يتسم بعدم اليقين وتتوالى فيه الأزمات، يقود صاحب الجلالة الملك محمد السادس بلاده بريادة تبعث على الثقة، ما يسمح للمغرب بمواصلة مسيرته التنموية بخطى ثابتة تحظى بالاحترام والتقدير.

مسار من الإصلاحات الوجيهة والمتبصرة

وفي حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، أكد السيد بيرت أن المغرب شهد، منذ اعتلاء جلالته العرش سنة 1999، مجموعة من الإصلاحات شملت جميع المجالات، والتي رسخت مكانة المملكة على الساحة الدولية.

ولفت إلى أن جلالة الملك لم ينتظر ما سمي بـ”الربيع العربي” ليطلق إصلاحات وجيهة ومتبصرة، والتي جنبت المملكة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، مؤكدا أن “القيادة الملكية أتاحت مسارا متسقا ومتواصلا من التقدم لصالح الشعب المغربي”.

وتابع أن القيادة الرشيدة والحكامة الجيدة ليستا مجرد صدفة، بل هما ثمرة وعي بالتحديات، وفهم لتطلعات الشعوب، وقدرة على التأقلم مع الأوضاع الجديدة في العالم.

وسجل الوزير البريطاني السابق أن ذلك هو ما يجسد قيادة جلالة الملك، مذكرا بالإصلاحات المستنيرة التي أ طلقت منذ بداية عهد جلالته، لاسيما في مجال حقوق النساء، وحقوق الإنسان بصفة عامة.

وأكد أن هذه الإصلاحات الحيوية وضعت المغرب على درب التغيير والتقدم، مشيرا إلى أن جلالة الملك تمكن، في خضم الربيع العربي، من تحصين المملكة من خلال إصلاح دستوري رصين صادق عليه الشعب المغربي عبر استفتاء شعبي سنة 2011.

ريادة ملكية يمتد إشعاعها إلى ما وراء الحدود

وقال السيد بيرت إن الريادة الملكية يمتد إشعاعها إلى ما وراء حدود المغرب، ما جعل المملكة تفرض نفسها كركيزة للاستقرار وفاعلا لا محيد عنه، مستشهدا بمبادرة جلالة الملك الرامية إلى تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والدور المحوري الذي يضطلع به المغرب في مجال مكافحة التغير المناخي في إطار مؤتمر الأطراف (كوب)، وكذا مقاربة جلالته لتنمية القارة الإفريقية.

فعلى صعيد منطقة الساحل، أشار إلى أن المغرب أبان عن وعي كبير بهشاشة الأوضاع في المنطقة، وبضرورة رسم معالم الطريق الذي يتيعن اتباعه لتمكينها من بناء السلام وتحقيق التنمية الاقتصادية.

وأوضح أن المبادرة الأطلسية، التي أطلقها جلالة الملك بهدف تعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، هي مبادرة “حيوية” بالنسبة لهذه الدول، بالنظر لما تتيحه من فرص للشعوب، كما أن المبادرة الملكية تشكل عنصرا رئيسيا يجسد دور المغرب في رسم معالم مستقبل واعد لمنطقة الساحل ولساكنتها.

إصلاحات اقتصادية غيرت وجه المغرب

وعلى الصعيد الاقتصادي، شدد الوزير البريطاني السابق على أن الإصلاحات الاقتصادية التي باشرها المغرب قد غيرت وجه البلاد، خاصة من خلال تسريع وتيرة التصنيع، مبرزا أن مستوى التنمية الذي بلغته المملكة شجع القوى الاقتصادية العالمية الكبرى، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، على إبرام اتفاقيات تبادل حر أو شراكة مع المغرب.

وأوضح أن هذه الحقيقة لم تغب عن أنظار المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، الذي سجل أن الناتج الداخلي الخام للمملكة تضاعف بفضل الإصلاحات العميقة التي تم تنفيذها، مشيرا إلى أن المغرب تقدم بخطى واثقة في مسار تحوله الاقتصادي، ما مكنه من الاندماج بشكل سلس في سلاسل القيمة العالمية.

وفي ما يخص الأثر الاجتماعي لهذه الإصلاحات، أشار السيد بيرت إلى أن هناك تحسنا ملموسا في سوق الشغل بالمغرب، وتعزيزا لفرص تشغيل الشباب بفضل تكوين ملائم يستجيب لمتطلبات الواقع الجديد.

المغرب والمملكة المتحدة.. شراكة متجددة

وفي معرض حديثه عن العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة، حرص السيد بيرت على التأكيد على أن علاقات متميزة جمعت على الدوام بين الأسر الملكية المغربية والبريطانية العريقة.

وعبر الوزير البريطاني السابق، الذي كان ضمن الفريق الحكومي عند إطلاق الحوار الاستراتيجي بين الرباط ولندن سنة 2018، عن “اعتزازه” بتطور الشراكة بين المملكتين في محاورها الأربعة الرئيسية: السياسي، الأمني، والاقتصادي والثقافي.

وأوضح أن “البلدين حافظا دائما على مستوى رفيع من الحوار”، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية الثنائية سجلت منحى تصاعديا مدعوما بالتقدم الذي أحرزه المغرب.

وفي هذا السياق، توقف السيد بيرت عند قطاع الخدمات المالية، معتبرا أنه يمثل إحدى أبرز نقاط قوة المغرب.

وقال إن “الحي المالي بلندن، وهو من بين أكبر المراكز المالية في العالم، ينظر بتقدير للدور الذي يضطلع به القطب المالي للدار البيضاء”، مبرزا أن مؤسسات مالية بريطانية كبرى قررت الاستقرار في العاصمة الاقتصادية للمملكة، التي تؤكد دورها كبوابة للولوج إلى القارة الإفريقية.

وأضاف أن “الدار البيضاء تتيح مؤهلات لا تضاهى وتمثل نقطة ارتكاز استراتيجية لحضور قاري متماسك”، مضيفا أن ذلك لا يعكس فقط جودة العلاقات الثنائية، ولكن أيضا التقدير الذي تحظى به الدار البيضاء لدى الفاعلين في القطاع المالي، باعتبارها بوابة للولوج إلى المنطقة.

وأشار في السياق ذاته إلى أن التنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم 2030 من قبل المغرب وإسبانيا والبرتغال، يشكل فرصة سانحة للارتقاء بالشراكة المغربية – البريطانية إلى مستويات أعلى.

وقال السيد بيرت إن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، اغتنم بشكل جيد زيارته للمغرب في يونيو الماضي لمواكبة هذه الدينامية، مشيرا إلى أن “مونديال 2030 يتيح الفرصة للبلدين للعمل معا، ليس فقط في قطاع البنيات التحتية، ولكن أيضا في مجالات أخرى مثل الصحة والنقل والثقافة والطاقات المتجددة”.

وأكد أن المغرب، الذي يحقق نتائج مبهرة على المستوى الرياضي، لديه الآن فرصة لتحقيق النجاح نفسه على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. وقال “أعتقد أن المملكة المتحدة ستكون شريكا متميزا”.

وفي ما يتعلق بالدعم الذي عبرت عنه الحكومة البريطانية للمخطط المغربي للحكم الذاتي، اعتبر السيد بيرت أن هذا القرار “يعكس تغيرا على مستوى التفكير في المملكة المتحدة”.

وأوضح أن لندن أكدت بوضوح أن الأمر يتعلق بالحل الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق لتسوية نزاع طال أمده، ويستنزف الكثير من الموارد والطاقة، ويعرقل جهود التنمية.

وخلص السيد بيرت إلى أن “المملكة المتحدة قدمت دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي، وهو ما يشكل منعطفا هاما”.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.