الرباط .. المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي يقدم تقريرا حول التحديات المائية الجديدة بالمملكة

كشف المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي، أمس الاثنين بالرباط، عن تقرير حول التحديات المائية الجديدة التي تواجهها المملكة، تحت عنوان: “الماء والمناخ: المغرب عند مفترق الطرق؟”.
وبحسب بلاغ للمعهد، فإن هذا التقرير يندرج ضمن طموح استراتيجي مزدوج. ويتعلق الأمر بتقديم قراءة نقدية واستشرافية للتحديات المرتقبة في أفق 2030-2050، وصياغة توصيات ملموسة موجهة لكافة الفاعلين المعنيين.
وشكل هذا العمل البحثي “الهام”، الذي جرى تقديمه خلال لقاء حضرته العديد من الشخصيات البارزة، محور نقاش بين وزير التجهيز والماء، نزار بركة، ورئيس المعهد، عبد المالك العلوي، بغرض تعزيز تفكير معمق حول هذه المسألة بين الباحثين وصناع القرار.
وأضاف البلاغ أنه في ظل تصاعد أهمية قضية الماء كإحدى الرهانات المهيكلة للسياسات العمومية الوطنية، قام المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي بتعبئة فريق متعدد التخصصات لمدة تفوق أربعة أشهر، بقيادة المحامية غالية مختاري، المتخصصة في قضايا البنية التحتية بالمغرب، لإعداد هذا التقرير ذي الطموح الاستراتيجي المزدوج.
وقد تولت الأستاذة مختاري تنسيق وصياغة هذا التقرير الاستراتيجي الذي يتضمن ثلاثة محاور، وذلك تحت إشراف السيد العلوي، وبمساهمة كل من أحمد أزيرار، وياسمين الخمليشي، ومريم بنحيدة، إلى جانب ثلة من الخبراء المستقلين.
ويعنى المحور الأول بفهم الأبعاد المتعددة لأزمة المياه، مثل التراجع المستمر للموارد المتجددة، والاستغلال المفرط للفرشة المائية، والتأثيرات المتفاقمة للتغير المناخي، مع تحليل معمق لنموذج الفلاحة الموجهة للتصدير.
أما المحور الثاني، فيسلط الضوء على رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من قضية الماء أولوية وطنية، من خلال عمل مهيكل يرتكز على ثلاث ركائز، تشمل التوسيع العادل للولوج للماء الصالح للشرب، خاصة في الوسط القروي، ودعم الإنتاجية الفلاحية عبر التحكم في الموارد المائية، والاستثمار المكثف في البنيات التحتية المائية.
ويستعرض المحور الثالث الابتكارات وحدود النموذج التاريخي لتعبئة الموارد، كظاهرة ترسب الأوحال في السدود، والتأخر المسجل في مشاريع الربط بين الأحواض المائية، والتطور المحدود لإعادة استخدام المياه العادمة، مقابل التوسع المتزايد في مشاريع تحلية مياه البحر، بهدف تغطية 50 في المئة من الاحتياجات من الماء الشروب بحلول سنة 2030.
ويغني هذا التقرير التفكير الاستراتيجي من خلال مقارنات مرجعية مع دول أخرى تشترك مع المغرب في بعض الخصائص أو تختلف عنه، مثل الأردن وإسبانيا والشيلي.
وللاستجابة لحجم التحديات التي تم رصدها، يقترح المعهد في هذا التقرير عشر رافعات عمل ملموسة، من بينها إرساء قاعدة معرفية مشتركة من خلال وضع نظام وطني موحد للمعطيات المائية، وتأطير الاستخدامات الفلاحية للمياه بشكل أفضل، مع اعتماد تسعيرة أكثر إنصافا للمياه.
وفي هذا السياق، يدعو التقرير إلى إعادة النظر في التحفيزات الفلاحية لفائدة الزراعات المتكيفة مع الإجهاد المائي، وتعزيز أدوات المراقبة الميدانية عبر تتبع عمليات الحفر، وإرساء تعاقد جماعي لتدبير الفرشة المائية بين المستعملين ووكالات الأحواض والجماعات الترابية.
وبالموازاة مع ذلك، أوصى خبراء المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي بالإسراع في توسيع استخدام تقنية تحلية المياه وإعادة استعمال المياه العادمة، بتمويل من شراكات بين القطاعين العام والخاص وآليات التمويل الأخضر.
ويقترح التقرير الاستراتيجي أيضا فرض “البصمة المائية” كشرط مسبق لكل مشروع استثماري، مع التشديد على ضرورة تطوير العقليات، لاسيما من خلال إحداث “أكاديمية الماء”، ويوصي بإحداث مرصد متعدد التخصصات حول نموذج الترابط بين الماء والطاقة والفلاحة والنظم البيئية.
ويعد المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي مركز تفكير يعنى بتحليل الرهانات الاستراتيجية للمغرب، من خلال إصدار دراسات معمقة حول التحولات الاقتصادية والجيوسياسية للمملكة، والمساهمة في بلورة توصيات تدعم تحقيق نمو مستدام وقادر على الصمود.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.