23 يونيو 2025

المغرب: المهرجانات، دعامة لسياحة ثقافية مزدهرة

Maroc24 | اقتصاد |  
المغرب: المهرجانات، دعامة لسياحة ثقافية مزدهرة

تلعب المهرجانات في المغرب أكثر من أي وقت مضى دور ا محوري ا في المشهد الثقافي والاقتصادي الوطني، حيث تجذب سنوي ا مئات الآلاف من الزوار المغاربة والأجانب، بينما ت حفز قطاعات الفندقة، والمطاعم، والنقل، والصناعة التقليدية.

أصبحت هذه الفعاليات محفزات حقيقية للتنمية المحلية التي تعزز ازدهار السياحة، كما تدعم خلق فرص العمل وت سهم في إبراز قيمة الثقافة المغربية على الساحة الدولية.

وقد ساهمت البرمجة الثقافية الغنية والمتنوعة والتوسع المتزايد في عروض المهرجانات سنة 2025 في تعزيز هذه الدينامية، مما ول د إيرادات كبيرة من مبيعات التذاكر، والإقامة، والاستهلاك المحلي، ورسخ بالتالي مكانة المهرجانات كركائز للسياحة الثقافية المستدامة والشاملة.

كذلك، يستمر الاستثمار في المرافق اللازمة لإقامة المهرجانات الموسيقية، لا سيما تشييد أو تأهيل القاعات، والمنصات، وأنظمة الصوت، والتجهيزات، بما يتيح مكاسب مالية هائلة.

لا تعود هذه التحسينات بالنفع على المنظمين فحسب، بل تمتد لتشمل المجتمعات المحلية أيض ا، محققة بذلك عوائد إيجابية مستدامة تزيد من العائد على الاستثمار.

موازين: واجهة عالمية وقاطرة اقتصادية

يظل مهرجان موازين أحد أبرز الأمثلة على هذا النجاح. وي قام هذا المهرجان، في نسخته العشرين، في الفترة ما بين 20 و28 يونيو، بتنظيم من جمعية مغرب الثقافات تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويستقطب ما لا يقل عن 2.5 مليون مشاهد سنوي ا.

يتميز موازين ببرنامج فني متنوع يضم عمالقة الفن العالمي كـ 50 سنت، كيد كودي، بيكي جي وإيسبا، إلى جانب نخبة من الفنانين المشارقة مثل كاظم الساهر، نانسي عجرم، حماقي وراغب علامة، فضلا عن كوكبة من ألمع النجوم المغاربة كحجيب، أمينوكس وإل غراندي طوطو، مما يجعله نافذة فريدة على التنوع الموسيقي العالمي.

يخلق هذا الإقبال الجماهيري الكبير، الموزع على خمس منصات (مسرح محمد الخامس، منصة أبي رقراق، منصة النهضة، منصة OLM السويسي، ومنصة سلا)، طلب ا متزايد ا على الخدمات الفندقية والمطاعم والنقل المحلي والمحلات التجارية، مما يحفز اقتصاد الرباط-سلا والجهة بأكملها.

برنامج مهرجانات متنوع وإشعاع فني

توف ر المهرجانات المغربية فضاء مميز ا لإظهار الثراء الثقافي للمملكة، بيد أن وقعها يتجاوز بكثير حدود الفن والثقافة.

من خلال عرض أعمال الفنانين المحليين أمام جمهور متنوع وتشجيع التبادل الثقافي، ت عزز هذه الفعاليات الهوية الثقافية الوطنية، وفي الوقت نفسه ت شجع الابتكار في قطاع السياحة.

وتخلق عملية تنظيم وإدارة المهرجانات فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في مجالات متعددة، منها: الأمن، وخدمات المطاعم، وتنظيم الفعاليات، والسياحة، والصناعة التقليدية، والخدمات العامة.

وخلال المهرجانات الكبرى، تسجل حجوزات الطيران والفنادق ودور الضيافة مستويات قياسية بانتظام في المدن المضيفة.

المهرجانات الجهوية: محفزات التنمية الترابية

ما زال مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، المنعقد في الفترة ما بين 19 و 21 يونيو 2025، يؤدي دورا محوريا في تفعيل عجلة السياحة في مدينة الرياح.

بأرقامه المبهرة التي تشمل: أكثر من 300 ألف مشارك، وما يفوق 350 فنان ا من نحو خمسة عشر دولة، وأكثر من 50 حفلا ، تجتذب هذه التظاهرة سنوي ا حشودا كبيرة من السياح.

ويستفيد المهرجان من مساندة حوالي 70 ممول ا وأكثر من 75 شريك ا إعلامي ا، ما يبرهن على قوته الاقتصادية والإعلامية.

في السياق ذاته، يعكس مهرجان جازابلانكا بمدينة الدار البيضاء، المزمع تنظيمه في أنفا بارك خلال فترتين: من 3 إلى 5 ومن 10 إلى 12 يوليوز 2025، هذه الحركية بتقديمه لبرنامج فني رفيع المستوى. وسيحتضن المهرجان، الموزع على منصتي (منصة كازا أنفا ومنصة 21)، نخبة من الفنانين العالميين المعروفين كـ “بلاك آيد بيز”، “ماكليمور”، “سيل”، و”كول آند ذي غانغ”، إلى جانب قامات فنية مثل إبراهيم معلوف، هندي زهرة، وأوم، ليصنع بذلك صلة وصل بين موسيقى الجاز الدولية والابتكار المغربي.

كما ت سهم فعاليات أخرى، مثل موسم أصيلة الثقافي الدولي، والمهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، وفيزا فور ميوزيك بالرباط، بالإضافة إلى مختلف مهرجانات الأفلام، في تعزيز هذه الدينامية الاقتصادية الإيجابية.

وفي سنة 2025، تظهر مهرجانات جديدة أيض ا، مما ي ساهم في تنويع العرض الثقافي وتوسيع الأثر الاقتصادي ليشمل وجهات جديدة، خاصة في إطار استراتيجية تنمية السياحة الثقافية والإبداعية.

نحو احترافية القطاع

في خطوة لتعزيز الأثر الاقتصادي لهذه المهرجانات، يجري العمل حالي ا على تحويل فرص العمل المؤقتة إلى وظائف قارة ودائمة.

ويتضمن ذلك برامج تدريب مهني لرفع كفاءة العمال الموسميين، وتقديم حوافز للمقاولات للإبقاء على هذه الوظائف بعد انتهاء المهرجانات، بالإضافة إلى تبني سياسات عمومية ت شجع على التنوع الاقتصادي وتنمية السياحة الثقافية على مدار السنة.”

وتواجه المهرجانات المغربية سنة 2025 تحديات جديدة تتصدرها الاستدامة البيئية، دمج التقنيات الرقمية، والتأقلم مع تطلعات الجمهور المتجددة. وفي سبيل ذلك، يعمل المنظمون على الاستثمار المتزايد في الممارسات الصديقة للبيئة وعلى رقمنة فعالياتهم لمواكبة هذه التحولات.

وعلى الرغم من هذه التحديات، تحظى المهرجانات في المغرب بدعم معزز من السلطات العامة وبتعاون متزايد بين القطاعين العام والخاص. هذا التآزر يمك ن من تجاوز العقبات وتعزيز دور المهرجانات بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية والثقافية للمملكة.

في ظل الرؤية المغربية للسياحة 2030 والاستثمارات المتواصلة في البنية التحتية الثقافية، تندرج المهرجانات ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى ترسيخ مكانة المغرب كوجهة ثقافية وإبداعية رائدة على الصعيدين القاري والدولي.

فمن خلال مواصلة الاستثمار في هذه الفعاليات وتحسين آثارها الإيجابية، لا تتمكن المدن المغربية من إثراء مشهدها الثقافي فحسب، بل يتأتى لها تحفيز اقتصادها بشكل مستدام، مما يخلق حلقة وصل إيجابية بين الثقافة والسياحة والتنمية المحلية.
و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.