أكد الخبير ياسين الشاهدي أن المغرب، من خلال تنظيم مسابقات رياضية دولية كبرى من قبيل كأس الأمم الأفريقية 2025 للرجال والسيدات، وكأس العالم 2030، وكأس العالم لأقل من 17 سنة، يحذوه طموح واضح لجعل الرياضة، وكرة القدم على وجه الخصوص، رافعة استراتيجية للقوة الناعمة والتنمية الشاملة.
وقال السيد الشاهدي، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لتاريخ وإحصائيات كرة القدم ، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إن “المغرب يستثمر في تنظيم مسابقات كبرى لدعم دينامية التنمية التي يشهدها وتعزيز إشعاعه الرياضي والدبلوماسي”، مؤكدا أن “المغرب يفرض نفسه اليوم كقوة رياضية صاعدة على الصعيدين الإفريقي والدولي”.
وبالنسبة له، فإن هذه السياسة الإرادية تندرج في إطار رؤية بعيدة المدى، يقودها تبصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي راهن على تشييد بنيات تحتية حديثة و تعزيز الأمن والصرامة التنظيمية، فضلا عن الاستقرار السياسي.
وأوضح أن هذه الركائز قد تجسدت بالفعل خلال تنظيم فعاليات مثل كأس العالم للأندية وكأس الأمم الإفريقية للسيدات، مشيرا إلى أن هذا الاستمرارية أكسبت المملكة ثقة مؤسسات دولية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي اختار الرباط مقرا لمكتبه في إفريقيا.
وتابع اللاعب السابق، المقيم في ستراسبورغ (كولمار)، أن هذه التظاهرات، خارج الميادين الرياضية، تساهم في “إعادة تعريف صورة البلاد على الصعيد الدولي”، حيث تكتسب المملكة “مصداقية وجاذبية، مع توطيد الشعور بالوحدة الوطنية”.
وقال إن “استضافة المغرب لمثل هذه الأحداث الرياضية يعزز الشعور بالانتماء والفخر الوطني، لاسيما بين المغاربة المقيمين في الخارج ومزدوجي الجنسية”، مشيرا إلى أن هذه المسابقات “تجمع جميع الفئات الاجتماعية وكل الجهات حول هدف واحد وشعور موحد”.
واعتبر أنها تشكل أيضا رافعة حقيقية للقوة الناعمة، تسمح بتعزيز العلاقات الدبلوماسية للمملكة، لا سيما مع بلدان إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وأكد اللاعب السابق أن الأثر الاجتماعي والرياضي لهذه الفعاليات واضح وملموس أيضا، قائلا إن “تنظيم هذه الأحداث يحفز الشباب المغربي بشكل كبير، ويتيح اكتشاف مواهب جديدة في جميع أنحاء البلاد ودمجها في بنيات التكوين، لا سيما عبر المدارس الجمعوية”.
وأضاف أن هذه الدينامية تدفع أيضا المدربين والحكام والمسيرين والتقنيين إلى الارتقاء بمستوى احترافيتهم، لمواكبة المتطلبات والدينامية الجارية.
كما أشار الخبير إلى الأثر الاقتصادي لهذه الفعاليات، التي تستلزم استثمارات ضخمة في البنيات التحتية (مثل الملاعب، مراكز التكوين، الميادين التدريبية، الطرق، ومرافق الإقامة وغيرها)، مما يسهم في خلق فرص عمل في قطاعات متنوعة تشمل الأمن، الفندقة، النقل، السياحة الرياضية، التسويق، وحتى وسائل الإعلام.
وبحسب قوله، فإن هذه الأحداث تعد بمثابة محفز اقتصادي لجميع المدن من خلال مشاركتها في مسيرة الإشعاع الوطني.
وشدد الخبير أيضا على الإرث الذي يجب أن تخلفه هذه الفعاليات، قائلا إن “البنيات التحتية التي شيدت ستستمر في خدمة المواطنين لفترة طويلة بعد انتهاء الفعالية، وهو ما من شأنه أن يشجع ممارسة الرياضة بين الشباب، لا سيما في الأحياء الشعبية، ومع تطور كرة القدم داخل القاعة، فإن الهدف هنا مزدوج: رفع المستوى الوطني وتقليص الفجوة بين التكوين المحلي والتكوين الأوروبي”.
ومضى قائلا: “اليوم، الكفة تميل لصالح أوروبا، لكن غدا قد تدفع هذه الدينامية الأندية المغربية إلى إعادة تنظيم نفسها بشكل أفضل، والاحترافية، والسعي نحو التميز، مما قد يعود بالنفع سواء على البطولة المحلية أو على المنتخبات الوطنية”.
وخلص الخبير إلى التأكيد على أن تنظيم المنافسات الدولية ليس هدفا بحد ذاته، بل “رافعة إستراتيجية لإضفاء الطابع الاحترافي على كرة القدم المغربية، وتشجيع الشباب على ممارسة هذه الرياضة، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وتعزيز التماسك الوطني، وتقديم أفضل صورة عن المغرب على المستوى العالمي”.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.