الموسم الصيفي 2025.. حوار مع وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني

في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، تحدثت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، عن توقعات الموسم الصيفي 2025 وتطور السياحة الداخلية.
– مع اقتراب الموسم الصيفي 2025، ما هي أبرز الترتيبات المتخذة لضمان استقبال أمثل للسياح، سواء كانوا مغاربة أو أجانب؟
مع حلول الموسم الصيفي، نغتنم الفرصة لتكثيف جهودنا. فنحن نعتمد كل عام نظاما معززا للمتابعة والإشراف يشمل جميع أنحاء المملكة، وذلك بفضل التعاون الوثيق بين مندوبياتنا الجهوية والإقليمية ومهنيي القطاع والسلطات المحلية. نولي اهتماما خاصا لجودة الخدمات وشفافية الأسعار.
تجدر الإشارة إلى أن جودة الاستقبال بالنسبة لنا ليست حكرا على الموسم الصيفي، بل هي التزام دائم في صميم خارطة طريقنا، ونعمل على تحقيقها عبر تعزيز الرأسمال البشري والتحسين المستمر لمنشآتنا. كما نسعى إلى تقديم تجربة سياحية لكل زائر، سواء كان مغربيا أو أجنبيا، ترقى إلى مستوى وجهتنا.
-شهد المغرب انتعاشا ملحوظا في نشاطه السياحي خلال السنوات الأخيرة، محققا أرقاما قياسية على جميع المستويات. ما هي توقعاتكم لصيف 2025 من حيث عدد الوافدين، ليالي المبيت والعائدات؟ وهل يمكننا أن نتوقع تسجيل أرقام قياسية جديدة؟
حققت السياحة الوطنية بالفعل أداء استثنائيا في السنوات الأخيرة، مسجلة أرقاما قياسية على كافة الأصعدة : من عدد الوافدين وليالي المبيت إلى العائدات. وبالنظر إلى صيف 2025، ورغم أنه من المبكر جدا تقديم أرقام دقيقة، إلا أن المؤشرات كلها إيجابية جدا، وتبشر بنمو جديد مقارنة بالعام الماضي. إن الحجوزات المبكرة، والزخم الذي تشهده أسواقنا المصدرة، سواء التقليدية منها أو الناشئة، بالإضافة إلى التطور المستمر لعروضنا السياحية، تمنحنا ثقة كبيرة في الموسم الصيفي القادم. وبما أن عام 2024 قد سجل بالفعل أرقاما قياسية تاريخية، فإن كل الأدلة تشير إلى أن عام 2025 سيكون بدوره مرحلة جديدة في مسار السياحة المغربية.
– بالنظر إلى الأداء الأخير، يؤكد المغرب مكانته كوجهة سياحية لأربعة مواسم. ما هي العوامل الرئيسية وراء هذه الدينامية الإيجابية؟
لقد رسخ المغرب مكانته كوجهة سياحية تستقطب الزوار طوال العام، وهو ما يتضح بقوة سنة 2025 مع استقبال مليون سائح إضافي في الأشهر الأربعة الأولى.
ويشير هذا الإنجاز إلى أن الموسمية بدأت تتلاشى تدريجيا، لتحل محلها حركة سياحية أكثر استمرارية على مدار السنة.
ي فسر هذا النجاح في المقام الأول بتنوع عرضنا السياحي الكبير، الذي يشمل الثقافة، والصحراء، والطبيعة، والسياحة الشاطئية، مما يلبي كافة الأذواق في أي موسم. فعلى سبيل المثال، تجذب الثقافة وحدها ما يقرب من 50 في المائة من زوارنا، وهي تجربة متاحة على مدار السنة.
علاوة على ذلك، لقد حسنا إمكانية الوصول بشكل كبير، بفضل النمو المستمر في برامج الرحلات الجوية (+20 في المائة سنويا) والحملات الترويجية الموجهة. ولا ننسى أن هذه الدينامية تستند، أيضا، إلى تجربة سياحية تتحسن باستمرار.
وتعتبر الاستثمارات في الإيواء والترفيه ضمن أولويات خارطة الطريق لتقديم تجربة سياحية متكاملة. واليوم، ي عرب 99 في المائة من السياح عن رغبتهم في العودة بعد إقامتهم، وهذا يعد تقديرا رائعا.
– كيف ترون اليوم مسار تطور السياحة الداخلية؟ وما هي أبرز البرامج التي تنوي الوزارة التركيز عليها هذا الصيف لتعزيزها، لا سيما في أوساط الشباب والعائلات المغربية؟
شهدت السياحة الداخلية المغربية تحولا حقيقيا. فقد انتقلنا من 4 ملايين ليلة مبيت سنة 2010 إلى 8,5 مليون ليلة سنة 2024، وهو ما يمثل ما يقرب من ثلث نشاطنا السياحي الإجمالي. يعكس هذا النمو تغييرا عميقا في عادات المغاربة، حيث أصبح السفر بالنسبة لهم ترفيها حقيقيا ولم يعد مجرد ضرورة.
مقاربتنا لدعم هذا الزخم تعتمد على شقين : هيكلي ومحدد الاستهداف. كما نطمح إلى إيجاد حلول مستدامة لدعم التوازن بين العرض والطلب الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الموسم الصيفي. نركز جهودنا على توسيع خيارات الإقامة، بما في ذلك تنظيم برامج المبيت لدى السكان، وتوفير أماكن التخييم، وخيارات الإقامة البديلة الأخرى.
لقد عززنا، أيضا، إمكانية الوصول بإضافة 11 رحلة جوية داخلية جديدة في عام 2024، وذلك لتشجيع المغاربة على استكشاف مناطق جديدة تتجاوز السياحة الشاطئية، وبأسعار معقولة.
من جهة أخرى، نطلق مبادرات ترويجية كحملة “نتلاقاو فبلادنا” التي تسلط الضوء على ما يزخر به المغرب من كنوز طبيعية وثقافية ووجهات شاطئية. بالإضافة إلى ذلك، نبرم شراكات مثمرة مع المكتب الوطني للسكك الحديدية لتيسير حركة التنقل خلال الموسم الصيفي.
– ما هي الأولويات على المدى المتوسط لتعزيز مرونة وتنافسية قطاع السياحة المغربي، في سياق دولي دائم التغير؟
كما تعلمون، بفضل الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أظهر قطاعنا صمودا استثنائيا، سواء في مواجهة جائحة “كوفيد-19″ أو زلزال الحوز. لكن في ظل المنافسة الدولية المتزايدة، يتوجب علينا إعادة ابتكار عروضنا باستمرار للحفاظ على جاذبيتنا.
في الوقت الراهن، توفر خارطة الطريق للفترة 2023-2026 الحل الأمثل لهذه التحديات، وذلك عبر عدة ركائز. في مقدمتها، نجد تنويع العرض السياحي من خلال إرساء 14 قطاعا متخصصا، تستجيب لتطلعات المسافرين ورغباتهم، وتسلط الضوء على جميع جهات المملكة.
بعد ذلك، نركز على تحسين الربط الجوي بشكل متواصل عبر تنويع أسواقنا السياحية الرئيسية وتكثيف الرحلات الجوية المباشرة.
ويتمثل المحور الثالث في الاستثمار في البنيات التحتية الفندقية والعروض الترفيهية، وذلك بهدف تمكين الزوار من خوض تجارب لا تنسى. لتحقيق ذلك، وضعت الحكومة عدة آليات للرفع من القدرة التنافسية للمغرب، مثل الميثاق الجديد للاستثمار، وصندوق محمد السادس للاستثمار، و”Go Siyaha”. ونلمس اليوم بالفعل إقبالا قويا جدا من المستثمرين، سواء كانوا وطنيين أو دوليين.
نعمل، أيضا، على التحول الرقمي للرفع من التنافسية، وفي هذا الإطار، أطلقنا برنامج احتضان مع الشركة المغربية للهندسة السياحية الذي يحقق نجاحا كبيرا لدى الشركات الناشئة المغربية الشابة المتخصصة في المجال الرقمي.
أما المحور الرابع، فيهم تعزيز الموارد البشرية، وذلك من خلال عدة برامج للتدريب وتنمية المهارات التي طورناها بالتعاون مع الكونفدرالية الوطنية للسياحة ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، بهدف ضمان استقبال وخدمة بمعايير دولية.
وفي الختام، نحرص على تطوير قطاعنا السياحي وفقا لمبادئ الاستدامة والاستمرارية، بهدف صون مواردنا الطبيعية والثقافية. كما نسعى إلى خلق سياحة نوعية ت سهم بشكل إيجابي في تنمية كافة مجتمعاتنا المحلية. إنه عمل يتطلب الكثير، غير أن كل تقدم نحرزه يقربنا من تحقيق هذا التوازن بين التنافسية الدولية والتنمية الترابية المتناغمة.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.