بإذن من أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى، انطلقت، اليوم الجمعة بالرباط، أشغال الدورة الربيعية العادية الخامسة والثلاثين للمجلس، والتي ستنكب، على مدى يومين، على دراسة حصيلة نشاط المؤسسة بين الدورتين، ومتابعة أشغال اللجان العلمية.
وستعكف هذه الدورة، التي تميزت جلستها الافتتاحية بحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، والأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، على دراسة القضايا المدرجة بجدول أعمال الدورة، والمتمثلة في برنامج ميثاق العلماء في إطار خطة تسديد التبليغ، ومواكبة وتفعيل خطة تسديد التبليغ في سياق الانفتاح والتعاون مع مؤسسات المحيط، والتدبير الجهوي للمؤسسة العلمية في سياق المواكبة وتوحيد رؤية الاشتغال.
كما ستنكب الدورة، التي تأتي في سياق مؤسسي يرسخ الدور المحوري للعلماء في خدمة الثوابت الدينية والوطنية، وتأكيد التزامهم بنشر ثقافة شرعية صحيحة، ومواصلة الإسهام في المسار التنموي الشامل، على دراسة حصيلة عمل هيئة الإفتاء بين الدورتين ومتابعة أشغال اللجنة العلمية للدراسات والأبحاث، وكذا متابعة لجنة إحياء التراث الإسلامي.
وتمثل هذه الدورة، التي شهدت في مستهلها تقديم تقرير مفصل عن نشاط المؤسسة العلمية، مناسبة يستحضر فيها علماء المملكة ما طرح في الدورات السابقة من قضايا علمية ودينية، ومن نقاشات مسؤولة حول قضايا التنوير، وبعث الاجتهاد، وتعزيز الوعي الديني السليم، والتأكيد على مسؤولية العلماء في ترسيخ الأمن الروحي والتماسك المجتمعي، وفي المساهمة الفعالة في بناء نموذج تنموي مستدام، يوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وفق الرؤية الملكية السديدة.
كما ستناقش الدورة سبل تفعيل برنامج “ميثاق العلماء”، الذي يروم تأهيل الأئمة وتعزيز أدوارهم في التأطير الديني والاجتماعي، من خلال دروس منتظمة ولقاءات دورية تكرس مبدأ القرب، وترتقي برسالة المسجد التربوية والاجتماعية. كما سيتم بحث سبل تطوير التعاون مع مؤسسات المحيط المجتمعي، في سياق تفعيل خطة “تسديد التبليغ”، “إيمانا بأن التبليغ الرشيد لا يتحقق إلا من خلال شراكة فاعلة تساهم في تعزيز التدين المتوازن، وتحقيق الكرامة الإنسانية، وتحسين الحياة اليومية للمواطنين، بما يواكب مسار تطور الدول”.
وستشهد الدورة أيضا تدارس آليات مواكبة التدبير الجهوي للمجالس العلمية، بما يضمن توحيد الرؤية والمنطلقات، انسجاما مع مقتضيات الظهير الشريف المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية، وتوجيهات الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى.
ومن المرتقب أن يتم تقييم أداء لجنة الأبحاث والدراسات من خلال الوقوف على ما تحقق من اقتراحات وتوصيات، وتعزيز الرصيد المعرفي للمؤسسة، وتحديد أولويات البحث العلمي التي يجب أن تحظى باهتمام العلماء في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، سعيد شبار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الدورة تشكل مناسبة يستحضر فيها علماء المملكة الدورات السابقة بأحداثها، وموضوعاتها، التي تهم التنوير والبحث العلمي والتذكير بأمانات العلماء في نشر وترسيخ الثقافة الشرعية الصحيحة، والتوعية الدينية السليمة، وتعزيز الانخراط للمساهمة في مسيرة الإصلاح التنموي.
وسجل أن هذه الدورة تأتي لدراسة قضايا الشراكة والتنمية المجتمعية من خلال مناقشة مجموعة من القضايا الحيوية، التي تهم دراسة صيغ تفعيل شراكات مع مؤسسات المحيط، بهدف الإعداد للخروج الميداني للمؤسسة العلمية في مجالات ذات الصلة بالصحة، والتربية، ومواجهة السلوكيات المنحرفة، وقضايا الأسرة.
وينتظر أن تركز هذه الدورة، يضيف السيد شبار، في المرحلة المقبلة من العمل على الجانب الميداني، وذلك في سياق تنفيذ مخرجات اللقاء التواصلي الذي عقد مع خبراء في التنمية ضمن خطة تسديد التبليغ، مسلطا الضوء على مسألة دمج ميثاق العلماء في هذه الخطة؛ وهو برنامج تكويني شهري يستهدف حوالي 54 ألف إمام، لتأهيلهم فكريا وثقافيا بغرض تمكينهم من الإسهام في معالجة الظواهر الاجتماعية والمجتمعية.
ولفت الكاتب العام للمجلس أنه من بين القضايا التي تم التركيز عليها أيضا تعزيز العمل الجهوي بعد إحداث المجالس العلمية الجهوية، بما يسمح بتوحيد الرؤى والتصورات على المستوى الوطني، وتحقيق أداء أكثر نجاعة وفعالية، مشيرا الى أن اللجان الدائمة المنبثقة عن المجلس تواصل عملها في عدد من المشاريع، من بينها التحضير لندوة دولية كبرى حول المذهب المالكي والاجتهاد الفقهي المعاصر.
وتشكل هذه الدورة مناسبة لتدارس سبل الانفتاح والتعاون مع مؤسسات المحيط في سياق خطة تسديد التبليغ، إيمانا بأن التبليغ المسدد، لا يتم إلا بالتعاون مع الشركاء على ترسيخ التدين الرشيد الذي هو سبيل المجتمع للحياة الطيبة.
كما ستعمل على مواكبة وتفعيل برنامج ميثاق العلماء في إطار خطة تسديد التبليغ نظرا لكون هذا البرنامج يهدف إلى تأهيل أئمة المساجد وتعزيز دورهم في المجتمع، وترسيخ مبدأ القرب بتقديم دروس وعقد لقاءات تأطيرية دورية بمعدل مرتين في الشهر، ومركزية ذلك في الارتقاء برسالة المسجد ونهوضا بأدواره التربوية والاجتماعية وحفظ الطمأنينة والأمن الروحي للأمة قاطبة.
من جهة أخرى، ستنكب هذه الدورة على مواكبة التدبير الجهوي للمؤسسة العلمية بما يضمن توحيد رؤية اشتغال وتوحيد المنطلقات والأهداف والمقاصد، وفق التصور العام الذي يؤطره الظهير الشريف بإعادة تنظيم المجالس العلمية، ومذكرات الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، إضافة الى متابعة سير عمل لجنة الأبحاث والدراسات بالوقوف على ما تم تنفيذه من اقتراحات ومقررات تثمينا للجهود العلمية التي يبذلها المجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية الجهوية والمحلية وتقوية رصيد منشورات المؤسسة العلمية وتطوير مكتبة الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى وترتيب الموضوعات ذات الأولوية التي ينبغي أن تحظى باهتمام العلماء.
كما ستنكب على متابعة عمل لجنة إحياء التراث الإسلامي، والذي يهم تحقيق كتاب الشفا للقاضي عياض، بعد أن تم جمع النسخ الموجودة في الخزانات والمكتبات العالمية والعمل على مراجعتها والتحقق من مطابقة بياناتها المعطيات الأصول المعتمدة، إضافة الى استعراض ما تم النظر فيه من طلبات الفتوى وكذلك عمل الهيأة في قضايا المالية التشاركية منذ اختتام الدورة الـ 34 إلى الآن.
ومن المقرر أن تتواصل أشغال هذه الدورة العادية الـ 35 للمجلس العلمي الأعلى، غدا السبت، بمتابعة اجتماعات اللجن وإعداد التقارير.
وتأتي هذه الدورة تنفيذا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.03.300 الصادر في 2 ربيع الأول 1425 (22 أبريل 2004 ) بإعادة تنظيم المجالس العلمية كما وقع تغييره وتتميمه، ولا سيما الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه، وتطبيقا لمواد الظهير الشريف رقم 1.04.231 الصادر في 7 محرم 1426 (16 فبراير 2005) بالمصادقة على النظام الداخلي للمجلس العلمي الأعلى، ولا سيما المادتان الخامسة والسادسة منه؛ والظهير رقم 1.23.47 الصادر في 26 من ذي القعدة 1444هـ (15 يونيو 2023م) والظهير رقم 1.23.48 الصادر في 26 من ذي القعدة 1444هـ (15 يونيو 2023م).
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.