تأثير الاختراقات العلمية على المجتمعات في صلب أشغال الدورة الـ15 من الموائد المستديرة “أربوا والمتوسط”

شكل موضوع دور الاختراقات العلمية في تشكيل المجتمعات وتأثيرها على اتخاذ القرار محور أشغال الدورة الـ 15 من الموائد المستديرة “أربوا والمتوسط”، التي نظمت اليوم الاثنين بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط.
وتشكل هذه الدورة، التي تنظم تحت شعار “الاختراقات العلمية”، فضاءا للتفكير متعدد التخصصات يجمع خبراء من قطاعات مختلفة تعرف تطورا سريعا وتطرح رهانات كبرى، بهدف تقاطع الرؤى لفهم أفضل لكيفية تأثير التقدم العلمي على أنماط الحياة، والتنظيم الاقتصادي، واتخاذ القرار السياسي.
وأكد رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، هشام الحبتي، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح هذه الدورة، أن العلم محرك رئيسي للتحول ويجب أن يكون شاملا، مشيرا إلى أن السؤال الجوهري المطروح اليوم هو: كيف يمكن للمعرفة أن تخدم الإنسانية بشكل أفضل، وبطريقة مستدامة وعادلة؟.
وأضاف أنه في عالم يعج بالمعلومات وتشهد فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي تطورا متسارعا، فإن التعاون بين الفاعلين وتوحيد الرؤى القادمة من العلوم الدقيقة، والعلوم الإنسانية، والصناعة، والسياسة أصبح أمرا ضروريا.
ومن جهته، أبرز مؤسس الموائد المستديرة “أربوا والمتوسط”، دانييل ناهون، المسؤوليات السياسية تجاه التقدم العلمي، لافتا إلى أن “العالم لم يكن قط، منذ بداية القرن العشرين، أكثر خضوعا وتحولا بسبب العلم”.
وشدد على أن العلم بات، أكثر من أي وقت مضى، محركا رئيسيا للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ومقربا بين البشر، ما يجعله قاطرة أساسية في تطور المجتمعات.
وأكد، في هذا السياق، على ضرورة تعبئة جميع التخصصات العلمية لمواجهة التحديات، خصوصا المتعلقة بالتغير المناخي والأمن الغذائي، مذكرا بأن الالتزام المجتمعي يتطلب من العلماء التحلي بأخلاقيات المسؤولية التي تمكنهم من استشراف ما قد تؤول إليه الإنسانية مستقبلا.
وأشار إلى أنه “إذا لم نتحرك، فإن التغير المناخي ستكون له تأثيرات مدمرة على السكان الذين يعيشون على الفلاحة، علما أن جزءا كبيرا من البشرية لا يزال يعتمد على الأنشطة الفلاحية”.
وأضاف أن العلم، “وقود الاقتصاد الحديث ومورد الخيرات العامة”، بات يفرض نفسه أكثر فأكثر كمرجع كوني تلازمه حركيتان متناقضتان تذكيان التنافس من جهة والتقاسم من جهة أخرى.
ومن جهته، شدد الخبير الاقتصادي والمدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، دومينيك ستروس كان، على ضرورة الانخراط في التفكير بشأن العلاقة بين العلم والاقتصاد والسياسة.
وشدد، في هذا الإطار، على ضرورة تعزيز التعاون بين العلماء والاقتصاديين والفاعلين السياسيين من أجل بلورة عقد اجتماعي جديد يأخذ بعين الاعتبار التغيرات الكبرى التي أفرزتها العلوم.
وأوضح ستروس كان، في هذا السياق، أن العلم يفضي الى تغير الباراديغم من خلال تغيير جذري للسلوك الانساني واتخاذ القرار، بما يعيد النظر في دعامات التحليل الاقتصادي المتمثلة أساسا في العقلانية وحرية الاختيار والمسؤولية الفردية.
ولاحظ أن الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، يخلخل الحرية الواقعية للاختيارات واتخاذ القرارات ويمس القدرة على قياس مصداقية المعلومة وفرز الصحيح عن المغلوط، مؤكدا على الدور المركزي للعلماء كفاعلين رئيسيين في تغيير العالم.
وشكل اللقاء أيضا مناسبة للمشاركين من أجل استعراض المسالك التي من شأنها تسريع الانتقال نحو أنظمة طاقية أكثر استدامة.
وتتناول أشغال هذه الدورة أيضا التقدم المحرز في تدبير التربة في سياق التغير المناخي واستخدام الرياضيات التطبيقية في نمذجة الظواهر المعقدة على الصعيد العالمي.
وتشكل الدورة الـ 15 للموائد المستديرة المتوسطية منصة كبرى للتبادل ونشر الثقافة العلمية بمشاركة باحثين ومهندسين وفاعلين عموميين ومن المجتمع المدني.
و م ع
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.