19 مايو 2025

مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة: تقاليد جاجوكة العريقة تحل في قلب جنان السبيل

مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة: تقاليد جاجوكة العريقة تحل في قلب جنان السبيل

في أجواء حميمة غمرتها الظلال الناعمة والأنوار الخافتة، صدحت مساء الأحد الموسيقى العريقة القادمة من قرية جاجوكة داخل الحديقة الهادئة “جنان السبيل”، كأنها نفس صوفي قادم من أعماق الزمن، بقيادة المعلم بشير عطار.

وقد غاص الجمهور، الجالس في جو مفعم بالسكون والتأمل، في حالة من النشوة الصوفية منذ الأنغام الأولى للمزامير المغاربية، مدفوعة بنفس مستمر لأساتذة الموسيقى الريفية.

وتحول فضاء جنان السبيل، البعيد عن ضجيج المدينة، إلى معبد صوتي حقيقي، حيث نسجت الإيقاعات والنايات و”الغيطة” جسرا مقدسا بين الأرض والسماء.

وت جسد موسيقى جاجوكة، التي ت نقل من جيل إلى جيل، فنا عريقا ينبض بالروحانية والعمق الصوفي والذبذبات المكثفة. وي عيد الصوت الخام والقوي لآلاتها النفخية إلى الأذهان أنماطا موسيقية مرتبطة بيقظات روحية وطقوس احتفالية.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد المعلم بشير عطار أن موسيقى جاجوكة ت عد فنا ضاربا في القدم، متجذرا في تاريخ المغرب، مشرا إلى أن المؤرخ ابن خلدون تحدث عنها في القرن الرابع عشر.

وأضاف أن هذا اللون الموسيقي، المنحدر من “العيطة الجبلية”، كان مرتبطا لسنوات ببلاط السلاطين المغاربة، وي عتبر أحد أركان الموسيقى الروحية والاحتفالية بالمملكة، مبرزا أن هذه التعبيرات الفنية، المتوارثة أبا عن جد، ليست مجرد إرث موسيقي فحسب، بل تمثل أحد المعالم القوية لهوية المغرب، وت جسد ثراءه الثقافي وتاريخه العريق الممتد لقرون.

وفي أول مشاركة لهم بمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، والثانية فقط بمهرجان مغربي، ي جسد حضور أساتذة جاجوكة عودة رمزية إلى الساحة الوطنية بعد أن حملوا هذا التراث لسنوات طويلة إلى منصات دولية.

ولم تكن هذه الأمسية مجرد عرض فني فحسب، بل استحضرت فصلا كاملا من التاريخ الموسيقي والثقافي المغربي، تعود جذوره إلى قرية صغيرة عند سفوح الريف، تحولت في ستينيات القرن الماضي إلى مصدر إلهام لجيل “البيت” ولرموز الموسيقى النفسية الغربية.

وتندرج هذه الليلة الساحرة، الواقعة بين المقدس والطبيعي، في إطار الرؤية التي يتبناها مهرجان فاس للموسيقى الروحية العالمية، الساعية إلى خلق حوار حي بين التقاليد الروحية العميقة، ومنح الجمهور تجربة حسية فريدة داخل أنفاس الموسيقى الكونية الخالدة.

وتجمع نسخة 2025 من هذا الحدث العالمي الاستثنائي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يشكل جسرا حقيقيا بين الثقافات والديانات، أزيد من 200 فنان من 15 بلدا، استمرارا لروح مدينة فاس باعتبارها حاضرة تاريخية كانت على مر الدوام ملتقى للمعرفة والروحانية.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.