19 مايو 2025

ثلاثة أسئلة لميتحات أوزتشاكيل، قائد، درويش راقص ومغن بمجموعة الطقوس الصوفية بإسطنبول

ثلاثة أسئلة لميتحات أوزتشاكيل، قائد، درويش راقص ومغن بمجموعة الطقوس الصوفية بإسطنبول

في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يحتفي هذه السنة بموضوع “انبعاثات”، تقاسم السيد ميتحات أوزتشاكيل، قائد، درويش راقص ومغن بمجموعة الطقوس الصوفية بإسطنبول، رؤيته العميقة حول استدامة ونقل الفن المقدس للسماع.

وباعتباره شخصية بارزة في هذا التقليد العريق، سلط السيد ميتحات الضوء، بحكمته، على الروابط الدقيقة بين الروحانية والأداء الفني والصدى العالمي لهذه الممارسات في العالم الحديث.

1 – مهرجان فاس يحتفي بالموسيقى العالمية العريقة تحت شعار “انبعاثات”. ما الذي تعنيه نهضة هذه التقاليد الصوفية في العالم الحديث بالنسبة لكم؟ وكيف تساهم مجموعتكم في هذه الدينامية؟

هذا المهرجان يحمل دلالة خاصة لأن موضوع “انبعاثات” يتماشى بعمق مع جوهر ممارستنا. بالنسبة لنا، النهضة روحية قبل كل شيء، هي تحول داخلي. عندما نخلع رمزيا عباءاتنا السوداء، التي قد تمثل الأنا أو العالم المادي، فإن ذلك يمثل شكلا من أشكال النهضة، عبور نحو وعي أنقى. كأننا نحترق في نار الحب الإلهي، في هذا السعي للتواصل الحميم مع الله، الذي نناجيه عبر “الذكر” (تكرار اسم الله).

رغم أن هذا الحوار الداخلي يبدو صامتا بالنسبة للجمهور، إلا أن كل درويش يهتز بهذا الذكر. والطاقة المنبعثة من هذا التوحد ملموسة. تساهم فرقتنا في هذه الدينامية من خلال الحرص على تقديم هذه التقاليد بأصالة وتفان، مما يوفر فضاء يمكن أن تلامس فيه هذه الشعلة الروحية القلوب وتلهم نوعا من النهضة الشخصية لدى من يشاهدها.

2 – السمع ممارسة روحية وفنية متجذرة في التقاليد الصوفية. كيف تنقلون هذا البحث عن النشوة والتجاوز لجمهور معاصر غالبا ما يكون بعيدا عن هذا البعد الصوفي؟

صحيح أن نقل تجربة داخلية بعمق كالنشوة التي ي حدثها السمع إلى جمهور معاصر يشكل تحديا. تاريخيا، في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، كان السمع ممارسة جماعية حميمة بدون متفرجين بالمعنى الحديث. كان الدراويش يجتمعون فيما بينهم لإحياء هذه الطقوس.

ومع مرور الزمن، وخاصة ابتداء من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، تزايد الاهتمام الخارجي، بما في ذلك من الرحالة الغربيين في إسطنبول، وبدأ تقديم السمع لجمهور أوسع.

اليوم، تبقى مقاربتنا متجذرة في هذا التقليد الأصلي. لا نسعى إلى “تحديث” السمع، لأن قوته تكمن في أصالته واستمراريته. هدفنا الأول ليس تقديم عرض للجمهور، بل أن نعيش نحن أنفسنا، بصدق، هذه الطقوس. لذلك فإن تركيزنا منصب بالكامل على الفعل المقدس للسمع ذاته، وعلى هذا الاتصال الروحي. نعتقد أنه إذا بلغنا حالة الحضور والتفاني، فإن جزءا من هذا التجاوز يمكن أن ينتقل بطبيعته وي حس به من هم منفتحون لتلقيه، حتى وإن لم تكن لديهم في البداية ألفة مع هذا البعد الصوفي.

3 – الدوران هو جوهر السمع، يرمز للكون والوجود. كيف تؤثر هذه الرمزية على الموسيقى والرقص والطاقة التي تبثونها خلال الطقوس؟

بكل تأكيد. في قلب السمع، كل عنصر يحمل رمزية عميقة توجه الموسيقى والرقص والطاقة المنتجة.

الدوران نفسه يستحضر الحركة الكونية: الكواكب التي تدور حول الشمس، الإلكترونات التي تدور حول النواة، وفي النهاية، الخلق كله الذي يدور حول الخالق.

في الطقس، وخصوصا في الجزء الرابع منه، يجسد الدراويش هذه الرقصة الكونية. الشيخ، الذي غالبا ما يكون في الوسط، يمكن أن يرمز للشمس أو القطب الروحي، الذي يدور حوله الدراويش مثل الكواكب، في حالة من الحب والتسليم.

الملابس ليست مجرد زي، العباءة السوداء (الحرقة) التي يتم خلعها تمثل قبر الأنا، العالم الأرضي. القميص الأبيض (التنور) يرمز إلى الكفن، إلى الصفاء المتحقق بعد موت الذات. القلنسوة المخروطية (السكة) هي شاهدة قبر هذا الأنا.

وضع اليدين أيضا له دلالة. اليد اليمنى الموجهة إلى السماء تستقبل النعمة الإلهية، بينما اليد اليسرى، المتجهة نحو الأرض، تنقلها إلى الإنسانية.

الدرويش يصبح بذلك قناة، لا يحتفظ بشيء لنفسه، في فعل من الكرم الروحي. ليس سعيا أنانيا لتحقيق الذات، بل رغبة في استقبال وتوزيع النعم الإلهية.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.