مختارات

اليوم العالمي لشجرة الأركان.. أربع أسئلة للمديرة العامة لوكالة تنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، لطيفة يعقوبي

Published by
Maroc24

أكدت المديرة العامة لوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، لطيفة يعقوبي، أنه في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى نماذج تنموية قادرة على الصمود، تقدم شجرة الأركان المغربي جوابا شموليا يوفق بين التنمية السوسيو-اقتصادية والحفاظ على البيئة. وفي حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم العالمي لشجرة الأركان، الذي يحتفل به في 10 ماي من كل سنة، أبرزت المسؤولة الدور الأساسي لهذه الثروة المتوطنة في المغرب في الحفاظ على النظام البيئي الطبيعي والتنمية المحلية.

كما شددت على التحديات الكبرى التي تواجه سلسلة إنتاج الأركان، مع استعراض الوسائل والإجراءات الواجب اتخاذها لضمان تنميتها المستدامة وتعزيز قدرتها على الصمود.

1- كيف تقيمون وضعية سلسلة إنتاج الأركان ؟

تمثل منظومة الأركان المغربية اليوم نجاحا جماعيا، حيث يدعم الحفاظ البيئي والتنمية السوسيو-اقتصادية بعضهما البعض.

وتندرج هذه الدينامية في إطار استراتيجيتي “الجيل الأخضر 2020-2030” و”غابات المغرب 2020-2030″، اللتين أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، انطلاقتهما سنة 2020.

وبالفعل، سمحت هاتان الخطتان بتحقيق تقدم ملموس، تمثل في تأهيل أزيد من 246 ألف هكتار من الأركان التاريخي، وغرس 10 آلاف هكتار إضافي في جهات سوس-ماسة، مراكش-آسفي وكلميم-واد نون، من خلال نموذج مبتكر لزراعة شجرة الأركان المقاومة للمناخ.

وبالموازاة مع ذلك، فإن الاعتراف الدولي، الذي يجسده يوم 10 ماي، يكرس مكانة المغرب كحام لتراث عالمي. هذه التآزرية بين السياسات العمومية والتعبئة المحلية تضع شجرة الأركان كركيزة للانتقال الإيكولوجي والاجتماعي.

2- ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه سلسلة الأركان؟

تواجه سلسلة الأركان مجموعة من التحديات الكبيرة التي ما تزال تعيق كامل ازدهارها، لاسيما عدم انتظام التساقطات وفترات الجفاف الشديدة التي تهدد توفر الماء، المورد الحيوي لهذا النوع الشجري المتكيف مع المناخ شبه الجاف.

يضاف إلى ذلك تعدد وظائف المجال، حيث يتداخل الرعي والحرث واستعمالات أخرى، ما يفاقم تآكل الرأسمال الطبيعي ويصعب التوازن بين الأنشطة المختلفة.

وتتفاعل شجرة الأركان مع هذه الظروف من خلال تفعيل آلياتها الفيزيولوجية للتكيف، مما يمنحها عمرا يتجاوز 100 سنة، إلا أن ذلك يكون على حساب الإثمار والتكاثر، ما يجعل الأشجار المجهدة أكثر عرضة للآفات، ويؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي المرافق وانخفاض في محصول الثمار يقدر بأكثر من 50 بالمئة في المناطق ذات الممارسات غير المعقلنة، مما يستوجب الإسراع في تعزيز البنيات التحتية للسقي وبرامج إعادة تغذية الفرشات المائية اصطناعيا، بهدف الحفاظ على استدامة هذا النظام البيئي.

ومن جهة أخرى، فإن التباين الكبير في الإنتاج، مع انخفاضات تتجاوز 50 في المائة في سنوات العجز المائي، يعقد عملية التخطيط التجاري وتموين وحدات التلفيف، كما يضعف مصداقية الالتزامات التعاقدية.

3- ما هو دور سلسلة الأركان في مكافحة التغيرات المناخية والتنمية المحلية؟

تشكل منظومة الأركان “درعا بيئيا” حقيقيا، إذ تأوي أكثر من 200 نوع نباتي و100 نوع حيواني متوطن، مما يحافظ على تنوع بيولوجي فريد.

كما تلعب جذور شجرة الأركان العميقة دورا حاسما في تثبيت التربة المنحدرة، حيث تساهم في تقليص التعرية بنسبة تصل إلى 75 في المائة بالمناطق الجبلية، والحد من زحف الرمال على الأراضي الفلاحية.

وعلى الصعيد المناخي، يمتص كل هكتار من الأركان 2.5 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، ما يساهم بشكل مباشر في تقليص الانبعاثات.

كما توفر هذه السلسلة فرص عمل لأربعة ملايين شخص، 80 في المائة منهم نساء داخل التعاونيات، مما يجعلها رافعة أساسية لتمكين المرأة في الوسط القروي، ويسهم أيضا في الحد من الهجرة القروية وإنعاش مناطق بأكملها.

إن شجرة الأركان ليست مجرد شجرة، بل هي عقد اجتماعي بين الطبيعة والأجيال.

4- ماذا ينبغي فعله لتعزيز زراعة أركان مستدامة؟

ينبغي أولا توسيع زراعة الأركان نحو الأراضي الجماعية، بالاعتماد على تجربة ناجحة لغرس 10 آلاف هكتار، وتقوية البحث والتطوير لتحسين الأصناف المقاومة، وترشيد استعمال الماء عبر تقنيات مثل الري بالطاقة الشمسية، إلى جانب تعبئة التمويلات الدولية المناخية، مثل صندوق المناخ الأخضر، من أجل دعم صغار المنتجين.

ويرتكز مستقبل السلسلة أيضا على مهنية التعاونيات، من خلال تزويدها بمراكز لتجميع وتخزين المادة الخام، إلى جانب توعية الشباب بمهن هذه السلسلة عبر تكوينات ملائمة، لضمان الاستمرارية والابتكار.

كما أن هيكلة النسيج التعاوني، الذي يضم أكثر من 1000 تعاونية ومجموعة ذات نفع اقتصادي، تستدعي تقوية التنافسية والتكوين التقني والقدرة على التفاوض بشأن عقود مستقرة في الأسواق.

وفي حين يبحث فيه العالم عن نماذج تنموية قادرة على الصمود، تقدم منظومة الأركان المغربية إجابة شمولية تثبت أنه من الممكن التوفيق بين الربحية الاقتصادية، والتنمية السوسيو-اقتصادية والحفاظ على البيئة، ويبقى توسيع هذه الدينامية رهينا بجعل كل مواطن سفيرا لهذا التراث الحي.

و م ع