أكد ممثلو الأحزاب الوطنية، باختلاف توجهاتها وانتماءاتها، اليوم الاثنين في ندوة وطنية نظمت بمجلس المستشارين حول موضوع “البرلمان المغربي وقضية الصحراء”، انخراطهم الدائم والقوي، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، في معركة الدفاع عن قضية الوحدةالترابية للمملكة.
وعبروا في مداخلات تعاقب على تقديمها خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، أمناء عامون وقيادات حزبية، عن تعبئتهم لتحصين المكتسبات الوحدوية والدفاع عن المصالح الحيوية والاستراتيجية للمغرب في مختلف المحافل والمنتديات الحزبية الإقليمية والدولية.
وسجلوا في هذا السياق، أن قضية الصحراء المغربية انتقلت إلى عتبة أعلى من التحول النوعي والاستراتيجي في المقاربة والنتائج، بفضل ب عد نظر جلالة الملك ورؤيته الحكيمة والمتبصرة في مقاربتها للقضية الوطنية الأولى، وهي المقاربة التي عكستها مضامين الخطب الملكية السامية التي رسخت المحددات والثوابت الواجب مراعاتها في التعامل مع قضية الوحدة الترابية للمملكة على قاعدة مثلث استراتيجي يقوم على المبادرة والحزم والانفتاح، والتي صار بمقتضاها ملف الصحراء هو الن ظ ارة التي تنظر بها المملكة إلى العالم، والمقياس الذي تقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات.
ولفتت المداخلات إلى أن هذه المقاربة عكستها أيضا، نجاعة الاستراتيجية التنموية المعتمدة بالأقاليم الجنوبية للمملكة برعاية ملكية سامية، والتي أعطت زخما لمشاريع وأوراش التنمية بهذه الأقاليم، في إطار النموذج التنموي الجديد الخاص بها، والذي حقق نتائج هامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي، وفي مجال تجهيز هذه الأقاليم بالبنيات التحتية واللوجيستيكية وتوفير الخدمات الأساسية لساكنتها.
وتوقفت الأحزاب السياسية الوطنية عند التحولات النوعية التي تشهدها القضية الوطنية الأولى، أساسا من خلال الاعترافات الواسعة والوازنة بمغربية الصحراء أو بوجاهة مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، لدول عديدة، من ضمنها دول لها تأثير كبير في م جريات الأحداث داخل المنتظم الدولي، ولها معرفة جيدة بحيثيات الملف، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، الدائمي العضوية في مجلس الأمن، وكذا إسبانيا.
واعتبرت أن مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هي الحل الوحيد، الأنسب والأكثر واقعية،من أجل الطي النهائي لهذا النزاع الذي تم افتعاله منذ زهاء نصف قرن، في زمن وسياق جيو سياسي صارا من الماضي، مبرزة أن تطورات الملف أفرزت ت حولا عميقا في موازين القوى لصالح المغرب بفضل الرؤية والمقاربة اللتين اعتمدتهما المملكة، تحت قيادة جلالة الملك.
وعبرت الهيئات السياسية الوطنية في هذا الصدد، عن الإشادة والاعتزاز بدينامية الديبلوماسية المغربية الرسمية، وكذلك بالإسهامات الديبلوماسية للبرلمان المغربي بمجلسيه، وبجهود كافة المؤسسات والهيآت الوطنية، الحزبية والمدنية، وبجميع أصناف الديبلوماسية، الاقتصادية والرياضية والثقافية والع لمية، وكذا بمجهودات مغاربة العالم، دفاعا عن قضيةالوحدة الترابية.
ودعت كافة القوى الوطنية إلى دعم هذاالمنحى واحتضانه مع التحلي باليقظة اللازمة، ومواصلة الجهد الديبلوماسي المتظافر، والمع ز ز بجبهة داخلية متينة على كل المستويات، وبالنهضة التنموية الهائلة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، وبالمبادرات الملكية، الاستراتيجية والرائدة، إزاء بلدان القارة الأفريقية (أنبوب الغاز نيجيريا المغرب؛ مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية؛ ومشروع تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي).
وأكدت في المقابل، على ضرورة رفع التعبئة واليقظة المستمرة للتصدي لخصوم الوحدةالترابية ومواجهة المناورات والحملات المغرضة، وتقوية الجبهة الوطنية الداخلية، وأيضا العمل على كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وجلب المزيد من التأييد و الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد على طريق الحسم النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وحثت، كذلك، على بذل مجهودات إضافية من أجل استثمار الزخم الذي تشهده القضية الوطنية الأولى والإستثمار في المناخ الدولي والقاري لإنضاج الحل المكرس لمغربية الصحراء، مهيبة بجميع الفاعلين والنشطاء المشتغلين بالترافع الدبلوماسي عن قضية الوحدة الترابية، تطوير استراتيجيات وأدوات الترافع، وتبني أساليب جديدة تتلاءم مع التحديات المعاصرة، بهدف التصدي لمناورات الخصوم وتحقيق الأهداف الوطنية العليا.
ويندرج تنظيم هذه الندوة الوطنية ضمن برنامج عمل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة الم حدثة وفقا لمقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين والذي يشمل أيضا إقامة سلسلة من الفعاليات والأنشطة المختلفة من قبيل جلسات استماع، وورشات عمل داخلية، وتتبع المساهمات المتنوعة والإنتاجات الأكاديمية لهيئات وفعاليات مهتمة بقضية الصحراء المغربية، إضافة إلى الانكباب على دراسة رصيد وثائقي غني يغطي مختلف الجوانب ذات الصلة بالموضوع.
وتضمن برنامج الندوة الوطنية، إضافة إلى جلسة افتتاحية، جلستين موضوعيتين خصصت الأولى لتدارس قضية الصحراء المغربية من خلال تدبير الأمم المتحدة والمستجدات ذات الصلة وآفاق الحل النهائي للملف، فيما اهتمت الجلسة الموضوعاتية الثانية بالمقاربة التنموية والحقوقية المتعلقة بهذا الملف.
و م ع