25 أبريل 2025

القطاع الفلاحي في فرنسا.. تحول متواصل

القطاع الفلاحي في فرنسا.. تحول متواصل

تستعد فرنسا، ضيف شرف الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي تستضيفه مدينة مكناس في الفترة ما بين 21 و 27 أبريل، لعرض مؤهلاتها والخبرات التي راكمتها، وكذا ثراء قطاعها الزراعي الذي يشهد تحولا كبيرا ،

وتتميز فرنسا، التي تعتبر أول قوة زراعية في الاتحاد الأوروبي بحصة 17 في المائة من الإنتاج الإجمالي للتكتل، بتوفرها على نموذج فعال ومتنوع ويشهد تحولات في سياق عالمي موسوم بتحديات مناخية وطاقية وبيئية وجيوسياسية.

وفي سنة 2024، بلغت قيمة الإنتاج الزراعي الفرنسي،باستثناء الإعانات، 89.3 مليار يورو، وفق ا لبيانات غرف الزراعة الفرنسية، وبمساهمة مالية من حساب التخصيص الخاص للتنمية الزراعية والريفية (CASDAR).

وبفضل تنوع ودينامية الإنتاج في استغلالياتها الفلاحية، تتموقع فرنسا ضمن كبار المصدرين العالميين للمنتجات الزراعية والغذائية. حبوب ومنتجات ألبان ولحوم وفواكه وخضروات… وكلها قطاعات تساهم في إشعاع الخبرة الزراعية الفرنسية في الأسواق الدولية.

ويستند هذا الريادة أيض ا إلى شبكة كثيفة من الفاعلين الاقتصاديين والتعاونيات وأقطاب التنافس ومراكز البحث مثل INRAE (المعهد الوطني للبحوث الزراعية والغذائية والبيئية)، التي تواكب التحول نحو زراعة أكثر اقتصادا للموارد وأكثر تطورا.

+التغيرات المناخية والتوترات الجيوسياسية العالمية تضع مرونة الزراعة الفرنسية على المحك+

من الواضح أن التغيرات المناخية والتوترات الجيوسياسية العالمية، التي وسمت بشكل خاص السنوات الثلاث الأخيرة، لعبت دورا في إطلاق تغييرات عميقة في القطاع الزراعي.

ومن خلال تعطيل سلاسل التوريد العالمية، وخاصة الحبوب والأسمدة والطاقة، سلطت هذه العوامل الضوء على هشاشة بعض النماذج الزراعية، مع إعادة أولويتين استراتيجيتين طويلتي الأجل إلى صميم النقاش: التكيف والسيادة الغذائية.

بالنسبة لفرنسا، تجسد ذلك في تجدد الاهتمام بتوطين بعض الإنتاجات، وتسريع الابتكارات في مجال الزراعة الدقيقة، بالإضافة إلى البحث عن حلول جديدة للحد من الاعتماد على المدخلات المستوردة.

وبالتوازي، تواصل البلاد انتقالها البيئي الزراعي، من خلال تشجيع زراعة أكثر احتراما للبيئة وأكثر تكيفا مع التغيرات المناخية.

وتعتبر الزراعة الرقمية والروبوتيك والإدارة المثلى للري، أو حتى تنويع المحاصيل، من بين الأدوات المتعددة التي تخدم إنتاجا مستداما وتنافسيا .

+ الماء كقضية مشتركة+

تكتسي المشاركة الفرنسية هذا العام في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي اختير له موضوع “الفلاحة والعالم القروي: الماء في صلب التنمية المستدامة ، أهمية خاصة، حيث أن الماء، وهو قضية حاسمة بالنسبة للزراعات المتوسطية، يمثل محور اهتمام مشترك بين البلدين.

ويشكل تبادل الخبرات حول تدبير الموارد المائية والري الذكي والممارسات الزراعية المقتصدة للمياه، بالفعل، محورا رئيسيا للتعاون الثنائي.

وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا المعرض فرصة مواتية للشركات الفرنسية والمغربية لمناقشة المشاريع وبحث الفرص الاستثمارية المتاحة .

وفي هذا الصدد، وكما أ علن عبر Team France Export، ستكون بيزنس-فرانس Business France، وهي وكالة عامة للاستشارات مخصصة لتدويل الاقتصاد الفرنسي، حاضرة في هذه الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب لتمكين الشركات الفرنسية من تثمين خبراتها وتطوير تبادلاتها التجارية مع المغرب.

وتشمل القطاعات المستهدفة، من بين أمور أخرى، البذور والنباتات والمدخلات، وتربية المواشي (علم الوراثة، تغذية الحيوانات، صحة الحيوانات، المعدات)، والآلات الزراعية، والري، ومعدات التحويل الأولي للفواكه والخضروات والحبوب، فضلا عن تكنولوجيا الزراعة.

+المغرب وفرنسا: تعاون يدشن مرحلة جديدة!+

شهد التعاون بين المغرب وفرنسا في المجال الفلاحي، وتيرة متسارعة منذ عام 2024، مدعوما بإرادة مشتركة لتعزيز التبادلات ونقل الخبرات والمشاريع المشتركة حول التحديات الزراعية والمناخية.

وقد تميز هذا التعاون بتوقيع خارطة طريق تؤطر سلسلة من المبادرات الملموسة في مجالات الري والزراعة المستدامة والتكوين في المجال الزراعي والبحث التطبيقي.

وقد عززت خارطة الطريق هاته اتفاقيات قطاعية متعددة، تشمل وزارات ومؤسسات وتعاونيات ومقاولات خاصة.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الخبير الاقتصادي والمتخصص في السياسات العامة، عبد الغني يومني، أن اختيار فرنسا ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، يعكس أهمية التعاون الثنائي في القطاع الفلاحي.

وأشار السيد يومني إلى أن الأمر يتعلق أيضا بالاعتراف بفرنسا كفاعل مرجعي في مجال الزراعة المستدامة والأمن الغذائي والابتكار التكنولوجي، موضحا أن الصادرات الزراعية الفرنسية إلى المغرب في عام 2024 مثلت 9 في المائة من إجمالي الصادرات، أي حوالي 610 ملايين يورو، وخاصة الحبوب.

في المقابل، صد ر المغرب أزيد من 2.3 مليون طن من المنتجات الزراعية إلى فرنسا، بقيمة تجاوزت مليار يورو، منها 400 ألف طن من الطماطم.

ويرى السيد يومني أن هذه الدعوة تعكس أيضا التقارب بين بلدين يتمتعان بهوية فلاحية متميزة، ويجمعهما مسار طويل من التعاون في هذا المجال، على المستويين الاقتصادي والمؤسسي.

ويمتد المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على مساحة مغطاة تبلغ 12.4 هكتارا، ويضم اثني عشر قطبا موضوعاتيا، مخصصة للمنتجات المحلية، وتربية المواشي، والآلات والمعدات الفلاحية، والصناعات الغذائية، والفلاحة الرقمية، والطبيعة والبيئة، والأطراف الراعية والمؤسسات، بالإضافة إلى القطب الدولي وقطب الجهات وفضاء مخصص للندوات.

ويعد هذا الملتقى أحد أبرز الفعاليات الفلاحية في القارة الإفريقية. وفضلا عن كونه واجهة لعرض المستجدات والابتكارات في المجال الفلاحي، يوفر فضاء مميزا للقاءات وعقد الشراكات بين مختلف الفاعلين في المنظومة.

و م ع


أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.